الراعي يحدّد 7 بدع أساسيّة ترفضها البطريركيّة المارونيّة

الراعي يترأس القداس الإلهي في الديمان الراعي يترأس القداس الإلهي في الديمان | Provided by: Maronite Catholic Patriarchate of Antioch

أكد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في القداس الذي ترأسه اليوم في الديمان، رفضه 7 أمور أساسيّة هي الآتية: شلّ البلاد، وتعطيل الدستور، والحؤول دون تشكيل حكومة، ومنع انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة، وفرض الشغور الرئاسي، واستباحة رئاسة الجمهوريّة، والإجهاز على لبنان وميزاته ونموذجيّته ورسالته في الشرق والعالم.

وجاء في عظة الراعي ما يلي:

«خطاياها الكثيرة مغفورة لها، لأنّها أحبّت كثيرًا» (لو 7: 47).

1.أحبّت المرأة الخاطئة الله حبًّا كثيرًا، وآمنت بأنّ يسوع هو الإله المتجسّد، الرحوم الغفور، فأتت إلى بيت سمعان الفريسي حيث كان يسوع، وعبّرت بدون خوف أو خجل عن عمق ندامتها عن خطاياها الكثيرة، بذرف دموعها على قدمي يسوع، وكفّرت عن ديون خطاياها بتقبيل قدميه ودهنتهما بالطيب. فقرأ يسوع حبّها الكبير، وتوبتها الصادقة، وهو العليم بكثرة خطاياها، فقال لسمعان: «خطاياها الكثيرة مغفورة لها لأنّها أحبّت كثيرًا» (لو 8: 47)، وللمرأة قال: «مغفورة لكِ خطاياكِ ... إيمانكِ أحياكِ، فاذهبي بسلام» (لو 7: 48 و50).

2.ما أجمل محبّة الله الغافرة، مهما كانت كثيرة ديون خطايانا! وما أسعد تلك المرأة لأنّها بتوبتها الصادقة والشجاعة الصادرة من عمق قلبها، ولأنّها بسماع كلمة الربّ يسوع الغافرة، شعرت وكأنّ جبالًا متراكمة سقطت عن كتفيها، وعاشت فرح الحرّية الحقيقيّة، حرّية أبناء الله وبناته!

3.يسعدنا أن نحتفل معكم بهذه الليتورجيا الإلهيّة، فيطيب لي أن أرحّب بكم جميعًا. إنّ في قلب كلّ واحد وواحدة منّا رغبة بأن نختبر مثل تلك المرأة فرح التوبة والغفران. فالمسيح الربّ أوجد لنا السبيل إليهما بتأسيسه سرّ التوبة. وقد سلّمه بسلطانه إلى الكنيسة لكي تمارسه على يد كهنتها.

فإنّا من جهة نحضّ المؤمنين على عيش هذه الولادة الجديدة بواسطة سرّ التوبة، ومن جهة أخرى نحضّ أبناءنا الكهنة على تأمين خدمة هذا السرّ كواجب أساسيّ إلى جانب خدمة الذبيحة الإلهيّة التي يتفجّر منها ينبوع فداء خطايانا والغفران.

4.وإنّا معكم ومع سينودس أساقفة كنيستنا المارونيّة نعرب للشعب البريطانيّ عن أعمق التعازي بوفاة جلالة ملكة بريطانيا العظمى إليزابيث الثانية التي طبعت أمّتها وعصرها وتاريخها بصفحات مجيدة، وأظهرت أنّ قوّة الحاكم هي بالتزامه الدستور واحترامه القيم وقربه من الشعب وترفّعه عن الخلافات. وقد عملت الملكة الراحلة على تعزيز العلاقات البريطانيّة-اللبنانيّة، ولا سيّما مع البطريركيّة المارونيّة. ولطالما أشادت بالتعدّديّة اللبنانيّة وتمنّت أن تنجح في تثبيت الشراكة الوطنيّة. ونتوجّه بالتهنئة إلى الملك الجديد شارلز الثالث ونعلّق كبير الآمال على مواصلة هذه السياسة، خصوصًا في هذه المرحلة الدقيقة التي يمرّ فيها لبنان وتجتازها أوروبا في ظلّ الحرب الضروس في أوكرانيا. إنّنا نعهد بهذه التعازي وبهذه التهاني إلى سعادة سفير المملكة المتحدة البريطانيّة في لبنان.

5.شبّه الربّ يسوع الخطايا بالديون الموجودة في العالم. ليست الخطيئة بحدّ ذاتها دينًا، بل مفاعيلها هي ديون عند الله والناس، وهذه تقتضي عدالة لتركها. فلا غفران من دون عدالة. الخطيئة جرح يصيب الحقيقة والمحبّة، سواء ارتُكبت تجاه الله أم تجاه الإنسان، فكلّ خطيئة إلى إنسان هي في الوقت عينه ضدّ الله الذي هو الحقيقة والمحبّة (البابا بندكتوس السادس عشر: «يسوع الذي من الناصرة»، صفحة 189).

6.الإيمان والحبّ هما باب الندامة والغفران، وقد تميّزت بهما تلك المرأة المعروفة في المدينة أنها خاطئة. لقد ظهر إيمانها الكبير بيسوع الفادي الإلهي، إلى جانب حبّها الكبير له. التوبة فعل إيمان وفعل حبّ متلازمان، بالإيمان يدرك الخاطئ شرّ خطيئته ويبحث عن الغفران عند الله. وبالحبّ يتوب إلى ربّه، وقد أساء إلى محبّته وإلى الحقيقة.

وبقول يسوع للمرأة: «إيمانك خلّصك! اذهبي بسلام»، امتدح إيمانها، كما سبق وامتدح حبّها، وكشف عن السلام الذي ملأ قلبها من جرّاء التوبة الكاملة والغفران، وفي الوقت عينه عاتب سمعان الفريسي الذي استضافه في بيته، والجالسين، بطريقة غير مباشرة، على قلّة إيمانهم وحبّهم، وعلى عدم قبول السلام الذي يزرعه حيثما وجد، إذا انفتحت له القلوب بالتوبة.

إلهنا هو إله يغفر، ويريدنا أن نتشبّه به ونسامح بعضنا بعضًا. ولهذا علّمنا أن نصلّي: «اغفر لنا خطايانا، كما نحن نغفر لمن خطئ إلينا». وجعل الغفران شرطًا للصلاة وتقديم القربان لله: «إذا كنت تقدّم قربانك لله، وتذكّرت أنّ لأخيك عليك شيئًا، دع هناك قربانك، واذهب أوّلًا صالح أخاك، ثمّ عُد وقدّم قربانك» (مت 5: 23).

7.إنّ قيمة الندامة والتوبة هي في كونهما وسيلة لتغيير مجرى الحياة، على مستوى التفكير والعمل. إنّهما تجدّدان الإنسان، من الداخل، تنقّيان ذاكرته، وتجعلانه يطوي صفحة الماضي. الندامة والتوبة فضيلتان ضروريّتان للعيش معًا. إنّهما مطلوبتان في العائلة الصغيرة كما وفي الكبيرة، ومطلوبتان على مستوى الجماعة السياسيّة والعائلة الوطنيّة. فلا يمكن العيش في جوّ من الأحقاد والكيديّات والاتهامات والإساءات، على صعيد الأحزاب والتكتلات السياسيّة، كما يجري اليوم، بكل أسف. مثل هذا الجوّ يسمّ أجواء الحياة بين المواطنين، من دون أن يكونوا مسؤولين عن بخّ هذا السمّ. مأساتنا في لبنان أنّ كثيرين لا يعترفون بأخطائهم وخطاياهم ولا يندمون عليها، فبتنا نعيش في «هيكليّة خطيئة». وبلغ هذا الواقع إلى تعطيل الحياة الدستوريّة والمؤسّسات.

8.ولذلك نحن لا نسكت بل نرفض:

-لا نسكت بل نرفض شلّ البلاد.

-لا نسكت بل نرفض تعطيل الدستور.

-لا نسكت بل نرفض الحؤول دون تشكيل حكومة.

المزيد

-لا نسكت بل نرفض منع انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة.

-لا نسكت بل نرفض فرض الشغور الرئاسي.

-لا نسكت بل نرفض استباحة رئاسة الجمهوريّة.

-لا نسكت بل نرفض الإجهاز على دولة لبنان وميزاتها ونموذجيّتها ورسالتها في هذا الشرق وفي العالم.

إنّنا ننتظر من المواطنين المخلصين المؤمنين بلبنان الرسالة أن يشاركونا في رفض هذه البدع، وأن يقفوا وقفة تضامن حتى تشكيل حكومة جديدة، وانتخاب رئيس جديد للجمهوريّة قبل الحادي والثلاثين من تشرين الأوّل المقبل، يكون رئيسًا من البيئة الوطنيّة الاستقلاليّة ورئيسًا جامعًا.

9.من المؤسف أن يصل اللبنانيّون إلى حالة اللاثقة التي باتت تشكّك في كلّ نيّة ولو صادقة، وإلى حالة التسييس التي ترى مسيّسًا كلّ قرار أو تدبير. وهاتان الحالتان تؤدّيان إلى التعطيل.

هذه حال ما يحصل اليوم بين أهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت ووزير العدل. إنّه نزاع تبرّره حالتا اللاثقة والتسييس، ويؤدّي إلى التعطيل وأصبح إبداء الرأي ولو موضوعيّ محكومًا عليه بالتشكيك والتسييس.

(تستمر القصة أدناه)

معروفٌ أنّ قاضي التحقيق طارق البيطار ثابتٌ في منصبه وممسك بملفّ التحقيق في تفجير المرفأ بحكم القانون، لكنّه مكبّل اليدين بسبب رفض وزير الماليّة توقيع مرسوم التشكيلات القضائيّة، فيعطّل تعيين رؤساء غرف التمييز الذين يشكّلون الهيئة العامّة لمحكمة التمييز، فتتمكّن هذه من إعادة الحياة القضائيّة التي يرتبط بها عمل قاضي التحقيق. هذا هو الموضوع الأساسي الذي يسمح حلّه بعودة القاضي البيطار إلى عمله.

أمّا القضيّة التي يطرحها وزير العدل مع مجلس القضاء الأعلى بالإجماع، ولا تؤثّر بشيء على صلاحيّة القاضي بيطار، فتتعلّق بمعالجة الموقوفين منذ أكثر من سنتين، ويحقّ لهم بإخلاء سبيلهم بموجب المادة 108 من أصول المحاكمات الجزائيّة. ولكن القاضي البيطار لا يستطيع إصدار أيّ قرار بهذا الشأن بسبب تكبيل يديه.

فإنّا نقترح سماع رأي رؤساء مجلس القضاء الأعلى السابقين بشأن هذه القضيّة، من أجل بتّها من جهة، وطمأنة أهالي ضحايا تفجير المرفأ من جهة ثانية. فتبقى العدالة والإنصاف مصونَيْن.

10.نسأل الله أن يلقي بأنواره على الجميع لكي نعيش بطمأنينة وسلام. له المجد والشكر إلى الأبد، آمين.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته