الجمعة 5 ديسمبر، 2025 تبرّع
EWTN News

مَن يتحكّم بأولويّات التحسين البشريّ وتقنيّاتها؟

ضرورة حماية كرامة الإنسان في مجالات العالم الرقميّ/ مصدر الصورة: sdecoret/Shutterstock

يُلِحّ التساؤل بشأن المتحكِّمين بمعلومات «ما بعد الإنسانيّة Transhumanisme» وتطوير تقنيّاتها، ويُثير قلقًا متزايدًا، بخاصّة حين نعلم أنّ العلماء المتخصّصين وأصحاب الرؤى ليسوا وحدهم المعنيّين، بل ثمّة شركات عملاقة وحكومات قويّة ومؤسّسات عسكريّة تستثمر مليارات الدولارات في مشاريع تهدف إلى تخليق بشر خارقين. لكن ماذا يحدث عندما تحتكر قلّة من الناس هذه التقنيّات؟

يستشعر المطران يوسف توما، راعي أبرشيّة كركوك والسليمانيّة الكلدانيّة، في حديثه عبر «آسي مينا»، معضلةً أخلاقيّة عميقة في مجرّد تخيُّل عالمٍ يتحوّل التطوّر فيه من عمليّةٍ طبيعيّة إلى سلعةٍ ليغدو سوقًا تُباع فيه نسخٌ مُحسّنة من الحياة البشريّة وتُشترى، وتُسجّل بها براءات اختراع مثيرة للجَدَل تخصّ تعديل السلاسل الجينيّة والحمض النوويّ.

المطران د. يوسف توما. مصدر الصورة: إسماعيل عدنان/آسي مينا

قطيعة مع الواقع البشريّ؟ 

في خضمّ هذا الهرج والمرج، تواجِه الإنسانيّة خطرًا سياسيًّا واجتماعيًّا جسيمًا، «فقد تُصبح الإنسانيّة المتحوّلة، عبر اقتراحها تخليق بشر مُعزَّزين، أداةً للتحكّم والمراقبة، حينما تلجأ جهاتٌ أو حكومات إلى استخدام شرائح الدماغ، لا لتعزيز القدرات المعرفيّة فحسب، لكن لمراقبة أفكار البشر ومشاعرهم وقراراتهم، وحينئذٍ قد يضمحلّ الخطّ الفاصل بين الاستقلال والتلاعب إلى درجةٍ لا تُشعِرك بتجاوز حرّيّتك»، بحسب توما.

وأضاف أنّه في حال استخدام تقنيّات علاجيّة لتطبيق أشكال من الرقابة العقليّة أو التحكّم السلوكيّ، فلن يكون الإنسان متأكِّدًا أنّه ما زال يمتلك أفكاره ويتحكّم بها، ما قد يُسبِّب حالةً من الاغتراب العقليّ، أي قطيعة مع الواقع البشريّ العاديّ، فيزداد عدد من يُعانون أزمات هويّة أو قلقًا أو عزلة بسبب تحوّلهم إلى ما هو أبعد من مجرّد بشر، وتتعقّد العلاقة بين إنسان عاديّ وآخَر مُعدَّل، وتبرز مخاف بشأن إمكان صمود التعاطف والتضامن والتفاهم المتبادل.

فصل عنصريّ

وأشار إلى دراسات حديثة لعلماء نفسٍ واجتماع تحذّر من تزايد صراعاتٍ اجتماعيّة وانقسامات ناجمة من عدم المساواة التكنولوجيّة، فوعود «ما بعد الإنسانيّة» ليست عالميّة وقد تتسبّب في ظهور طبقات جديدة، وأشكال جديدة من الفصل العنصريّ والتمييز البيولوجيّ، أشدّ قسوة ممّا عرفناه حتّى اليوم.

تبدو حقوق كثيرين في خطر إذا ما اقتصر نيل التحسينات، الصحّيّة خصوصًا، على أقلّيّة، لتُترَك غالبيّة السكّان متخلّفة عن الركب، محكومة بوجود طبيعيّ، بكلّ ما في ذلك من آلام وأمراض وقيود. وإذا ما نمت هذه النخبة واستقوت فقد تعيد صياغة قواعد المجتمع وفق مصالحها.

وراء الحماسة التكنولوجيّة تكمن هاوية أخلاقيّة وسياسيّة تهدّد الديمقراطيّة والمساواة والحرّيّة. ويُحيلنا توما إلى رفض الكنيسة استغلال البشر وانتقادها خطر تسليعهم وإضفاء الصفة المادّيّة عليهم واعتبارهم مجرّد أوعية أو منتجات قابلة لإعادة التصنيع والتشكيل فيُصبحون عرضة للاستغلال.

وختم مشدّدًا على ضرورة حماية كرامة الإنسان في مجالات العالم الرقميّ، مستنيرًا بتعليم البابا فرنسيس حول العلاقة بين الذكاء الاصطناعيّ والإنسان Antiqua et Nova، وتحذيره من تجاوزات محتملة لـ«ما بعد الإنسانيّة» خوفًا من تغيير محتمل للجنس البشريّ والانتقاص من كرامته.

اشترك في نشرتنا الإخبارية

في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.

اشترك الآن

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته