العالم, السبت 3 مايو، 2025
ودَّع الشرق الأوسط، بالصلاة والدموع، الراعي الصالح البابا فرنسيس. وعلى الرغم من بذله جهودًا حثيثة لإرساء قِيَم التسامح والأخوّة الإنسانيّة واجتهاده في الدعوة إلى الحوار بين الأديان وإحلال السلام وإنهاء الصراعات والحروب حول العالم، كانت لآخَرين آراءٌ مختلفة حياله.
عجّت صفحات المواقع الإخباريّة على منصّات التواصل الاجتماعيّ بتعليقاتٍ مستهجَنة من متابعين استنكر بعضهم الترحّم على البابا فرنسيس، قائلين بعدم جواز ذلك، إذ برأيهم «لا يجوز الترحّم على مَن مات على غير دين الله، ودين الله هو الإسلام». ووصف آخرون البابا الراحل بأنّه شارب خَمر، ومُشرِك، وكافر وداعم للمثليّة الجنسيّة.
الأخوّة الإنسانيّة
وقّع البابا فرنسيس عام 2019 مع شيخ الأزهر وثيقة «الأخوّة الإنسانيّة» في العاصمة الإماراتيّة أبوظبي، داعيًا إلى التسامح ونبذ العنف باسم الدين وتعزيز العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيّين وسائر البشر، لكنّ خبر رحيله قوبِل بتعليقاتٍ وصفته بأنّه «قائد الحملات الصليبيّة ضدّ المسلمين»، وبأنّه ماضٍ إلى «جهنّم وبئس المصير».

وكان البابا فرنسيس يتابع بكثيرٍ من القلق والألم والرجاء، الأحداث المؤلمة في الأراضي المقدّسة منذ بدء الاشتباكات في السابع من أكتوبر/تشرين الأوّل الماضي، رافعًا صلواته من أجل السلام. ولم تخلُ كلماته الأخيرة، ليلة رحيله، من الدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزّة وإلى «تقديم المساعدة للشعب الذي يتضوّر جوعًا ويتوق إلى مستقبل يسوده السلام!».
ردود أفعال متباينة
لكنَّ مُعلّقين كثيرين وصفوه بالقاتل وبأنّه «كان يقتل آلاف الأطفال ويُقدّمهم قرابين للشياطين».
وعلى صعيدٍ متّصل، كان لموقف البابا المندّد بالحرب في غزّة، ولدعوته الدائمة إلى السلام، صَداهُما في وصف درور إيدار، السفير الإسرائيليّ السابق في إيطاليا، البابا الراحل بأنّه «معادٍ للسامية»، قائلًا إنّه «لا ينبغي لإسرائيل أن تُشارك في جنازته، إذا كانت لدينا كرامة وطنيّة».
ويبدو أنّ هذا التصريح وجَدَ صداه، إذ حذفت صفحة الحكومة الإسرائيليّة منشور نعيها البابا على منصّة «إكس»، وأرجَعت وسائل إعلامٍ محلّيّة الأسباب إلى انتقاده الحرب في غزّة، فيما نقلت أُخرى عن مصادر حكوميّة أنّه نُشِر من طريق الخطأ. ثمّ عادت الحكومة وعزّت برحيله.
خطاب كراهية
من جانبها، رأت رئيسة الهيئة المستقلّة لحقوق الإنسان في إقليم كوردستان الدكتورة منى ياقو أنّ حجم خطابات الكراهية التي تلقّاها المسيحيّون، عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ العربيّة والكورديّة، هو دليلٌ قاطع على أنّنا نعيش مشكلة حقيقيّة في احترام الآخَر المختلف، وعلى أنّ السلطات لم تتّخذ ما يكفي من الإجراءات لمواجهة هذه الخطابات.
وتساءلت عبر صفحتها على فيسبوك إن كانت الدبلوماسيّة الروحيّة ستفلح في إحياء السلام الدينيّ العالميّ عبر تطهير العقليّات الإقصائيّة.
وردّ الأب مارتن بنّي، راعي كنيسة مار كوركيس الكلدانيّة في بغداد على «الإخوة والأخوات في العالم العربيّ الذين لا يريدون أن يترحَّموا على قداسة البابا أو على أيّ شخصٍ يختلف إيمانه عن إيمانهم».
وقال إنّ الرحمة لا تُطلَب، فالله يمنحها لجميع الناس دون تمييز، «فهو الخالق والدَّيّان الأعظم والأعلمُ بما في القلوب»، مذكِّرًا بأنّ النفس البشريّة مكرَّمة عند الله، والأجدر بالإنسان أن يُعزّي ويتضامن.
واستنكر أحد نشطاء المجتمع المدنيّ المسلمين في مدينة الموصل العراقيّة التعليقات المسيئة الصادرة عن بعض المسلمين على خبر وفاة البابا، متسائلًا: «كيف نَشْمتُ بموت رجلٍ كان داعيًا إلى السلام والتعايش بين الأديان؟». وشدّد على أنّ «الشماتة بالموت ليست نابعة من الدِّين، بل من الجهل وسوء الخلق».
وأشاد بمواقف البابا الإنسانيّة النبيلة تجاه العراقيّين، وبخاصّةٍ زيارته التاريخيّة للموصل في وقتٍ استثنائيٍّ خطير، على الرغم من التحذيرات والوضع الأمنيّ المتقلّب، وصلاته من أجل الضحايا.
ودفَعَ كمّ التعليقات السلبيّة بعض الصفحات إلى إغلاق خاصّيّة التعليق أو تقييدها تجنّبًا للإساءات.
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته