القدس, الجمعة 18 أبريل، 2025
في مدينة القدس القديمة، حيث تتعانق الروحانيّة مع التاريخ، تقع كنيسة القيامة التي تُعَدّ من أقدس المواقع المسيحيّة في العالم. في هذه الكنيسة، وتحديدًا في خلال أسبوع الآلام وعيد الفصح، تتّجه أنظار المسيحيّين من مختلف أنحاء العالم إلى خمس مراحل خالدة من درب الصليب، تُجسّد اللحظات الأخيرة في مسيرة يسوع نحو الموت والقيامة.
أنتم في الداخل، لكنّكم تشعرون كأنّكم عدتم ألفَي عام إلى الوراء. الصمت يلفّ المكان، ورائحة البخور تعبق في الأرجاء. داخل الكنيسة، تبدأ المرحلة العاشرة من درب الصليب، وهي تجريد يسوع من ثيابه. تقع هذه المحطّة في الجزء العلويّ من الصخرة المعروفة بـ«الجلجثة»، حيث يصعد الزائر درجات ضيّقة تقود إلى مذبح صغير مزيّن بأيقونات، يرمز إلى اللحظة التي جُرّد فيها يسوع من ثيابه أمام الحشود.

وبعد أمتار قليلة، يصل الزائر إلى المرحلة الحادية عشرة، وهي مرحلة صلب يسوع. هناك، في المكان نفسه من الجلجلة، يقف صليب خشبيّ تُحيط به شموع، ويعلو مذبح يُمثّل موضع الصلب، وأسفله فتحة زجاجيّة تكشف عن الصخرة التي غُرز فيها الصليب، ما يتيح للحجّاج لمسها والصلاة عندها.

المرحلة التالية، وهي الثانية عشرة، تُخلّد لحظة موت يسوع على الصليب. في الركن ذاته من الجلجلة، تُعرَض أيقونة المسيح المصلوب في مكان يعبق بالصمت والرهبة، حيث يُعتقد أنّه المكان الذي أسلم فيه يسوع الروح، وحدثت فيه الزلزلة التي وردت في الأناجيل.
عند النزول من الجلجلة، يصل الزائر إلى المرحلة الثالثة عشرة، وهي إنزال الجسد عن الصليب. هناك، يواجه الحجّاج حجر الطِّيب، وهو حجر رمليّ مائل إلى الحمرة، حيث وُضع جسد يسوع بعد إنزاله وحنّطه يوسف الرامي ونيقوديموس. يُعَدّ الحجر من أكثر النقاط جذبًا للزوّار، إذ يلمسونه ويضعون عليه أوشحتهم وصلواتهم، في مشاركةٍ رمزيّة للحظة الحزن والفداء.
أمّا المرحلة الرابعة عشرة والأخيرة من درب الصليب، فهي القبر المقدّس الواقع في قلب الكنيسة تحت قبّة مهيبة تزيّنها فوانيس وأيقونات شرقيّة وغربيّة. يدخل الزائر من خلال ممرّ حجريّ ضيّق إلى غرفة صغيرة تُعرف بـ«القبر»، حيث وُضع جسد يسوع، ومنه انطلقت بشارة القيامة: «ليس هو ههنا، بل قد قام».
زيارة كنيسة القيامة، خصوصًا في خلال أسبوع الآلام، لا تُعَدّ مجرّد توقّفٍ عند محطّات تاريخيّة، بل تمثّل تجربة روحيّة عميقة يعيشها الزائر، بحيث تتقاطع مشاعر الألم والرجاء، ويتجدَّد الإيمان في موقع يُجسّد قلب الرسالة المسيحيّة.
بالنسبة إلى كثيرين ممَّن لم يزوروا الأرض المقدّسة بعد، تبقى هذه المراحل الخمس داخل كنيسة القيامة رمزًا حيًّا لحضور المسيح في قلوب المؤمنين حول العالم، ودعوة مفتوحة إلى الحجّ الروحيّ من أيّ مكان.
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته