عيد التجلّي… إعلان ألوهيّة المسيح

عيد التجلّي- عيد التجلّي | Provided by: Pixabay

جاء حدث تجلّي الربّ يسوع الذي يورده الإزائيّون الثلاثة، وهم متى ومرقس ولوقا، بصورة مشابهة، بعد اعتراف بطرس المسيحانيّ في قيصريّة، والإنباء الأوّل بالآلام. وهذا الحدث الممجّد يقع في منعطف رئيسيّ من حياة يسوع العامة.

يخبر الكتاب المقدّس كيف بادر المسيح وأخذ ثلاثة من تلاميذه، وهم بطرس ويعقوب ويوحنا، وصعد بهم إلى جبل عالٍ منفردين، أي بعيدًا عن ضجيج العالم، حيث يسود الصمت والسكون، فاستطاعوا ارتقاء حالة من النورانيّة تعجز الكلمات عن وصفها، فهم أبصروا ما لم تره عين ولم تسمع به أذن!...  إذ تغيّرت ملامح المسيح أمامهم وأضاء وجهه كالشمس وأصبحت ثيابه بيضاء مثل النور. وكان النور الذي يشعّ من وجهه قويًّا إلى درجة ظنّ فيها بطرس أنّه واقع تحت تأثير الشمس، لكن الحقيقة في جوهرها اللاهوتي هي أبعد من ذلك، وتكمن في أنّ التلاميذ رأوا في خلال وقت قصير نور المجد الإلهيّ، وهو النور الأزليّ غير المخلوق الذي ينير كلّ تاريخنا ويقودنا صوب الخلاص الأبدي.

حدث مشهد تجلّي الربّ على الجبل الذي يرمز إلى النقطة التي تلتقي فيها الطبيعة الإنسانيّة مع الله الخالق، وهو أيضًا مكان التقاء الزمن والأبد مع يسوع المسيح نفسه. كما يدعونا هذا المشهد في الصميم إلى رؤية يسوع في مجده، وهو هدف حياة كلّ مسيحيّ حقيقيّ على هذه الأرض. ويؤكّد لنا القديس بولس الرسول أننا «نَحنُ جَميعًا نَعكِسُ صورةَ مَجْدِ الرَّبِّ بِوُجوهٍ مَكشوفةٍ كما في مِرآة، فنَتَحوَّلُ إِلى تِلكَ الصُّورة، ونَزدادُ مَجْدًا على مَجْد، وهذا مِن فَضْلِ الرَّبِّ الذي هو روح» (2 قورنتس 3/ 18). وهذا المشهد أُعطي للتلاميذ أنفسهم الذين سيشاهدون صلاة يسوع ونزاعه في جبل الزيتون.

ومن ثمّ، يتضمّن ظهور موسى وإيليّا إلى جانب المسيح المتجلّي، وهما يتحدّثان معه مؤشرات عدّة إذ يمثّل موسى الشريعة، وهو من تنبّأ بمجيء نبيّ عظيم (تثنية الاشتراع 18/ 15-19)، ويعكس إيليّا صورة الأنبياء الذين تنبّأوا بمجيء المسيح (ملاخي 4/ 5- 6). وهكذا برز ظهورهما مع يسوع تأييدًا لرسالته السماويّة بصفته المسيح ولأقوال أنبياء الله الذين سبقوه.

وفي النهاية، إذا أردنا أن نختبر هذا الفرح العظيم مع التلاميذ الذين اختارهم المسيح وتجلّى أمامهم، يجب أن نتعلّم كيفيّة الإصغاء إلى الصوت الإلهي الذي يدعونا باستمرار من أعلى الجبل المقدّس كي نشهد على العلاقة الوثيقة بين الصليب والمجد، أي أنّ الخلاص يتحقّق من خلال وعد الله لنا، وهو إنقاذنا من عبوديّة الفساد لكي نتمكّن من أن نشعّ نورانيّته، ونستحقّ الحياة في الملكوت المُعدّ لنا.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته