حلب: موسيقى عصر الباروك الكنسيّة تصدح في كاتدرائيّة مار الياس المارونيّة

فرقة آربا يتوسطها المطران طوبجي وإلى جانبه المايسترو البيطار فرقة آربا يتوسّطها المطران طوبجي وإلى جانبه المايسترو البيطار | Provided by: ARPA

برعاية مطران أبرشيّة حلب المارونيّة يوسف طوبجي، وبدعم وزارة الثقافة السوريّة ورعايتها، أقامَ كورال وأوركسترا آربا (ARPA) حفلًا موسيقيًّا قدّمت فيه الفرقة على مدى 70 دقيقة مقطوعاتٍ فنّية تعود لما بين القرنَيْن السادس عشر والتاسع عشر.

وقُدِّمت تلك المقطوعات التي تُمثّل روائع النمط الموسيقيّ الكلاسيكيّ باحترافيّة عالية من النادر مشاهدتها في سوريا، حسب رأي خبراء.

للوقوف على تفاصيل الحدث، أجرت «آسي مينا» مقابلةً مع قائد الفرقة وأستاذ المعهد العالي للموسيقى في دمشق المايسترو جميل البيطار، قال فيها: «شكّل هذا الحفل التحدّي الأكبر لنا، نظرًا إلى الظروف غير المثاليّة التي ما زالت حلب تعيشها بسبب الحرب، بالإضافة لصعوبة تنقّلي بين دمشق – مكان إقامتي – وحلب. لكنّ حلب جذبتني واستهوَتني جدًا، والوضع كان ملائمًا بالنسبة إليّ رغم صعوبته. وقد كان في الحقيقة الشغف وحبّ ما نفعل هو مفتاح نجاحنا، خاصّةً مع اشتراكنا جميعًا في حبّنا لموسيقى عصر الباروك. لذلك، كانت غالبيّة المقطوعات المُقدّمة تنتمي إلى ذلك العصر، وقلّةٌ منها تعود إلى كل من العصرَيْن الكلاسيكي والرومانسي».

وأوضح البيطار أنّ الحفل كان مؤلفًا من ثلاثة أقسام: قسمٌ أدّى فيه الكورال مقطوعاتٍ في شكلٍ منفرد، وقسمٌ آخر خُصّص للأوركسترا فحسب، والقسم الثالث والأخير كان عبارة عن مقطوعات أدّاها كلّ من الكورال والأوركسترا، مضيفًا: «إن سبب تقسيمي هذا يعود إلى رغبتي في إبراز كل عنصر من آربا، وأيضًا بهدف التنويع لجذب المستمع. فهدفنا أوّلًا وأخيرًا تعريف المجتمع السوري على ذلك النمط الموسيقي. بناءً عليه، وجد لدينا عدد من المعايير انتقينا بموجبها مقطوعات الحفل، بحيث تجمع بين فكرنا الموسيقيّ والذائقة الحلبيّة».

وتابع البيطار حديثه عن موسيقى عصر الباروك تحديدًا، فقال: «سُئلت لماذا لا نُقدّم تلك الموسيقى في دار الأوبرا؟ فأجبتُ أنّ غالبيّة مؤلّفي ذلك العصر كانوا يؤلّفون مقطوعاتهم لتُقدَّم في الكنائس، في خدمة القدّاس الإلهي. فالجَوّ الفنّي كان جوًّا كنسيًّا، والكنيسة كانت في وقتها تشكّل النافذة الأكبر للموسيقى والموسيقيّين، وليس المسرح كما في العصور الأخرى. فعلى سبيل المثال، كان أنطونيو فيفالدي راهبًا، لكنّه كان أيضًا مؤلفًا موسيقيًا وعازف كمان. وقد قدّمنا مقطوعةً له في الحفل حملت الاسم اللاتيني (كريدو) أي في العربية (صلاة قانون الإيمان)».

واستنتج: «إذًا، نحن عندما نؤدّي تلك الأعمال في الكنيسة، فهي تمتلك حاضنًا مثاليًّا وأفضل نتيجة صوت. فلا توجد هندسة صوت أجمل من أكوستيك الكنيسة، عدا عن البصمة الروحية التي يتركها المكان للمستمع. وقد حرصنا على تعريف المستمع ثقافيًا أيضًا على المقطوعات المقدّمة، من خلال توزيعنا لملصق يحتوي على العناوين والترجمات، بما أنّ كلمات كل المقطوعات الكوراليّة باللغة اللاتينيّة باستثناء واحدة بالألمانيّة».

وأضاف: «أهمّ ما يميّز آربا هو التآلف والانسجام الفني، ولا سيّما بين الأصوات الكوراليّة الأربعة (سوبرانو – آلتو – تينور – باص). والأوتار الأربعة في شعار الفرقة ما هي إلا دلالة على تلك الأصوات التي نؤدّيها، وهذا في العرف الموسيقيّ يُعَدّ أصعب أنواع الغناء. أما اختيارنا للهارب أو القيثارة والمرفقة بنصف جناح، فلأنها الآلة التي تعزف عليها الملائكة، وغايتنا أن يقدّم الكورال صوتًا يشبه أصوات الملائكة».

وتجدر الإشارة إلى أنّ آربا تأسّست في يونيو/حزيران من العام الماضي، بعدما تولّى المايسترو جميل البيطار مهامه رسميًّا بدعوة وجّهها له المطران يوسف طوبجي. أما في ما يتعلّق ببرنامج الحفل السابق ذكرُهُ، فسيُعاد إحياؤه من جديد خارج حلب. كما تطمح الفرقة إلى مشاركاتٍ خارجيّة مستقبلًا.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته