جدل واسع حول المثليّين في لبنان… ماذا يقول تعليم الكنيسة الكاثوليكيّة؟

علم المثليين تجمّع للمثليّين حيث يرفعون "علم قوس قزح" | Provided by: Pixabay

في لبنان، أثارت دعوة وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام المولوي إلى منع التجمّعات الهادفة إلى الترويج للمثليّة الجنسيّة جدلًا واسعًا استمرّ على مدى أيّام عدّة، بعد توجيهه كتابًا إلى المديريّة العامة لقوى الأمن الداخلي والمديريّة العامة للأمن العام، مطالبًا المديريّتين بمنع أيّ أنشطة للمثليّين، بعدما تلقّت الوزارة اتصالات من مراجع دينيّة رافضة لانتشار هذه الظاهرة، فاشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات المناهضة والمؤيّدة للمثليّة الجنسيّة.

في هذا الصدد، برزت مواقف عدّة مندّدة بالأنشطة التي تدعو المثليّين إلى المجاهرة بسلوكهم والاستسلام لنزواتهم، أبرزها كلام متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده الذي تناول هذه المسألة في عظته الأحد الماضي، قائلًا: «البعض يسعون في مجتمعاتنا إلى التسويق لمفاهيم منحرفة لحرّيّة الفرد وحقوق الإنسان. جماعات تستورد قناعات وقيمًا خاطئة عمّا يسمّونه "حرّيّة عيش المثليّة الجنسيّة" وسواها من الاتجاهات المريضة، إلى تغيير الجنس، بحيث يستعبد كيان الإنسان وحياته بمجملها لمنطق الشهوة المنحرفة والخطيئة. هذه النزعات غير الإنسانيّة تجرّد الإنسان من كرامته وقيمته كشخص مخلوق على صورة الله ومثاله».

وأكد المطران عوده أن السلوك المثليّ في الكتاب المقدّس لا يباركه الله بل يحظره بوضوح، وأن البنية الجسديّة، فيزيولوجيًّا، للذكر والأنثى تتكامل، «ذكرًا وأنثى خلقهما»، وهذا خير تعبير عن القصد الإلهي في الخليقة، وكل ترتيب آخر هو سقوط وانحراف.

وأضاف: «لا يمكن تحديد هويّة الشخص من خلال رغباته الجنسيّة أو شغفه الجسدي. المطلوب هو توجيه تلك الرغبات وتنظيمها في الأطر الأخلاقيّة والروحيّة التي يمكن من خلالها تحقيق مقاصد الله. من هنا، يؤكد الرسول بولس أن الإتحاد الزوجي هو صورة للعلاقة بين المسيح والكنيسة».

وشجب المطران عوده كل الحملات والندوات والأنشطة التي تدعو المثليّين جنسيًّا إلى الاستسلام لشغفهم، مضيفًا: «إذا أراد المرء أن يعيش حياته في المسيح، عليه أن يتوافق مع مشيئة الله في كل شيء. وكما أن الإنسان المؤمن مدعوّ للتغلّب على العواطف أو الميل نحو النشاط الجنسي خارج الزواج، كذلك الإنسان المثليّ الجنس مدعوّ للتغلب على الميل الذي لديه، وعلى كل شغف نحو نشاط جنسي خارج الأطر الأخلاقيّة لزواج الرجل من المرأة. قد يكون الصراع صعبًا، ولكن بنعمة الله كل شيء ممكن».

ماذا يقول تعليم الكنيسة الكاثوليكيّة عن المثليّة الجنسيّة؟

وفق التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكيّة الصادر في العام 1992، «إن المثليّة تعني العلائق بين رجال أو نساء يحسّون انجذابًا جنسيًّا، حصريًّا أو غالبًا، إلى أشخاص من الجنس نفسه. وله أشكال متنوّعة جدًّا على مدى العصور والثقافات. تكوينه النفسي لا يزال في معظمه غير واضح. والتقليد، استنادًا إلى الكتاب المقدّس الذي يعتبره بمثابة فساد خطر، أعلن دائمًا أن الأفعال المثليّة هي منحرفة في حدّ ذاتها. إنها تتعارض والشريعة الطبيعية. إنها تغلق الفعل الجنسيّ على عطاء الحياة. فهي لا تتأتّى من تكامل حقيقي في الحبّ والجنس. ولا يمكن الموافقة عليها في أي حال من الأحوال».

ويشير التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكيّة إلى وجود «عدد لا يُستهان به من الرجال والنساء، الذين لديهم ميول مثليّة عميقة. هذه النزعة المنحرفة موضوعيًّا هي بالنسبة إلى مُعظمِهم محنة. فيجب تقبُّلهم باحترام وشفقة ولطف، ويجب تحاشي كل علامة من علامات التمييز الظالم بالنسبة إليهم. هؤلاء الأشخاص مدعوّون إلى تحقيق مشيئة الله في حياتهم، وإذا كانوا مسيحيّين، أن يضُمّوا إلى ذبيحة صليب الربّ الصعوبات التي قد يلاقونها بسبب وضعهم».

ويدعو التعليم المسيحي «المثليّين إلى الطهارة. وهم قادرون على التقرّب تدريجيًّا وبعزم من الكمال المسيحي، ومُلزمون بذلك، مستعينين بفضائل السيطرة على الذات التي تُربّي على الحرّيّة الداخليّة، وأحيانًا بمساعدة صداقة نزيهة، وبالصلاة والنعمة الأسراريّة».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته