تحقيق استقصائيّ فائز بجائزة صحافيّة يسلّط الضوء على كنائس السودان المنسيّة

كنيسة الروم الأرثوذكس في الخرطوم كنيسة الروم الأرثوذكس في الخرطوم | مصدر الصورة: Matyas Rehak/Shutterstock

بعد أكثر من عامين ونصف العام على اندلاع الحرب في السودان، ما زالت المعارك الدامية مستعرة، مخلّفة أرقامًا صادمة لناحية أعداد القتلى والنازحين وحجم الدمار الذي لحق بالمباني والمنشآت، بما فيها الكنائس، في ظلّ تغطية إعلاميّة عربيّة ودوليّة محدودة.

غير أنّ فوز التحقيق الاستقصائي «شظايا على المذبح… كنائس السودان في مرمى نيران طرفي الصراع» للصحافي حامد فتحي بالجائزة البرونزية، في إطار جوائز أريج للصحافة الاستقصائية العربية 2025، أعاد تسليط الضوء على الحرب، كاشفًا مسؤوليّة طرفَي النزاع عن اعتداءات وأضرار لحقت بعدد من الكنائس، وأفعال قد ترقى، وفق نظام روما الأساسيّ للمحكمة الجنائيّة الدوليّة، إلى جرائم حرب أو جرائم ضدّ الإنسانيّة.

ويوثّق العمل الاستقصائي الذي أنجز بالشراكة بين «أريج» وشبكة «مواطن» الإعلامية أضرارًا طالت 23 كنيسة وديرًا واحدًا، تتبع لعدد من الطوائف الكاثوليكية والأرثوذكسية والبروتستانتية، منذ اندلاع الحرب في 15 نيسان/أبريل 2023 وحتى استعادة الجيش السوداني السيطرة على العاصمة الخرطوم في الربيع الفائت. ورصد التحقيق أنماطًا متعددة من الانتهاكات، شملت القصف والتخريب والسرقة؛ مثل سرقة أيقونات وأدوات طقسية وكابلات كهربائية، واقتحام المنشآت الدينية واستغلالها، ووقوع اشتباكات داخلها وتعرضها للحرائق، إضافة إلى تدنيس مقابر ملحقة ببعضها.

واعتمد التحقيق على عدد من الأدلة أبرزها الاستعانة بشهود عيان وخبراء في الهندسة التفجيرية وكذلك بصور الأقمار الصناعية ونتائج تحاليل جامعة "ييل" الأميركية لها. ويشير التحقيق إلى مسؤولية الجهتين المتحاربتين عن هذه الانتهاكات. بالنسبة إلى إصابة الكنائس بصواريخ جو-أرض، يرجّح التحقيق بدرجة كبيرة مسؤولية الجيش السوداني عن قصف دير «الأنبا أنطونيوس والأنبا موسى الأسود» في الحاج يوسف بمحلية شرق النيل، في المقابل يرجّح مسؤولية قوات الدعم السريع عن قصف مجمع وكنيسة للراهبات السالزيانيات جنوبي الخرطوم. كما حمّل التحقيق قوات الدعم السريع مسؤولية تعرّض 13 كنيسة مع منشآتها لعمليات اقتحام واستغلال. ورجّحت الأدلة إقامة جنود أو موالين لهذه القوات داخل باحات سبع كنائس على الأقل.

وسجّل التحقيق وقوع اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع داخل ساحتي كنيستين في أم درمان القديمة، هما «الشهيد العظيم مار مينا»، و«مريم العذراء الحبل الطاهر بلا دنس». كما وثّق في ثماني كنائس في الخرطوم وبحري، عمليات استخراج كابلات كهرباء وحرقها بهدف الحصول على نحاس وبيعه لتحقيق مكاسب مالية، مع رصد آثار صهر كابلات داخل عدد من الكنائس المتضررة بالنيران وفي جوارها.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته