القدّيس يوحنّا الدمشقيّ… أيقونة الفكر المسيحيّ في المشرق

القدّيس يوحنّا الدمشقيّ القدّيس يوحنّا الدمشقيّ | مصدر الصورة: Georgios A'rma/Pinterest

تحتفل الكنيسة الكاثوليكيّة في 4 ديسمبر/كانون الأوّل من كلّ عام بتذكار القدّيس يوحنّا الدمشقيّ؛ هو من يُعدّ أحد أبرز وجوه اللاهوت المسيحيّ في المشرق.

وُلِدَ هذا القدّيس باسم يوحنّا منصور بن سرجون في دمشق سنة 676، ونشأ في عائلة مسيحيّة مرموقة خَدَمت الدولة الأمويّة في مجالي الإدارة والمال. شغل يوحنّا نفسه منصبًا رسميًّا في الديوان، قبل أن يترك العمل العامّ ويُكرّس حياته للمسيح، وينضمّ إلى دير القدّيس سابا قرب القدس، حيث عاش ثلاثين عامًا حياة صلاة وتنسّك. كذلك، تميَّزَ بعمق لاهوته وفلسفته، وغزارة مؤلّفاته التي أثّرت في الفكر المسيحيّ قرونًا، حتّى إنّ القدّيس توما الأكوينيّ استشهد بأقواله مرارًا. وقد كتَبَ باليونانيّة، واستخدم السريانيّة في حياته اليوميّة، وأتقن العربيّة، فجمع ثقافات ثلاث. ووضع أيضًا ترانيم لا تزال تُرتَّل حتّى اليوم في الطقوس البيزنطيّة، ووُصِفَ بأنّه عالمٌ لاهوتيّ وخطيب ومنظّم للفنّ والموسيقى البيزنطيَّين.

وضع يوحنّا الأسس اللاهوتيّة لتكريم الأيقونات في وجه محاربيها، وبَنى دفاعه على الركائز الآتية: لا يُمكن تصوير الله في شكلٍ حسّي. أمّا القدّيسون الذين تجلّوا بأجساد على الأرض، فيمكن تمثيلهم بالصوَر. والإكرام موجَّهٌ إلى الشخص المرسوم، لا إلى المادّة، ونميِّز هنا بين الإكرام والعبادة التي لا تليق إلا بالله وحده. وأخيرًا، الأيقونات كتاب بصريّ يُذكِّر المؤمنين بنِعَم الله ويدعوهم إلى القداسة.

لم يعد يوحنّا إلى دمشق، في خلال مسيرته الرهبانيّة، إلّا مرّة واحدة. وبعد حياة متوَّجة بمحبّة المسيح، رقد بسلام سنة 749، وأعلنه البابا لاوون الثالث عشر معلِّمًا للكنيسة الجامعة سنة 1890، اعترافًا بعظمة إرثه الروحيّ والفكريّ.

يا ربّ، بشفاعة القدّيس يوحنّا الدمشقيّ، أنِر عقولنا بنور الحقّ، وثبِّت قلوبنا في الإيمان، واجعلنا شهودًا لجمالكَ ومحبّتكَ، آمين.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته