بيروت, السبت 29 نوفمبر، 2025
في العام 1909، حين مرَّ الصليبيّون بقيادة مبعوثٍ حبريّ على الطريق الساحليّة الوعرة باتّجاه القدس، التقوا أفراد شعبٍ صلب وودود، هم «الأمّة المارونيّة»، حسبما جاء في كتابات «وليم الصُّوريّ» الذي لفت إلى أنّ هذا الشعب خدَمَ «مصالحنا المهمّة والكثيرة في مواجهة أعدائنا».
هذا اللقاء الذي حصَلَ في خلال الحملة الصليبيّة الأولى، يُمثّل على الأرجح أوّل تواصلٍ بين موكب حبريّ ومَن يُعرَفون اليوم بمسيحيّي لبنان. وقد تعزّزت هذه الصلة تدريجًا على مرّ القرون. ووصل الفرنسيسكان الأوائل إلى بيروت سنة 1200. وفي العام 1215، شارك البطريرك المارونيّ إرميا الثاني العمشيتيّ في مَجْمَع اللاترن الرابع في روما، وبحلول العام 1584 صارت للموارنة كلّيّةٌ حبريّة خاصّة بهم في روما.
قبل ساعات من زيارة البابا لاوون الرابع عشر، يقف لبنان اليوم على حافّة الهاوية. في 23 نوفمبر/تشرين الثاني، نفّذت إسرائيل ضربةً جوّيّة في وسط بيروت بهدف القضاء على قائدٍ عسكريّ كبير في «حزب الله». ورغم صمود اتّفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل إلى حدٍّ ما، لم تُنفَّذ شروط الاتّفاق، وهو ما قد يؤدّي إلى نسفه في أيّ لحظة.
يمكن القول إنّ لبنان منقسمٌ بين مشاهد ثلاثة. هو يترنّح بين الحرب والسلام. منذ أواخر ستّينيّات القرن الماضي، انجرَّ البلد مرارًا إلى قلب الصراع العربيّ الإسرائيليّ. ورغم أنّ معظم اللبنانيّين، وبخاصّة المسيحيّين، لا يريدون أيّ حربٍ جديدة، تبدو القيادات السياسيّة عاجزةً عن اتّخاذ خطوات نحو السلام أو حتّى التزام الحياد.

