العالم, الاثنين 17 نوفمبر، 2025
في رحلته الخارجيّة الأولى، يزور البابا لاوون الرابع عشر دولتَين ذُكِرَتا في الكتاب المقدّس وتاريخ الكنيسة الأولى.
وعلى الرغم من أنّ تركيا ولبنان يشتركان في تاريخ مُثقلٍ بالمِحَن، فإنّ مسارات البلدَين اليوم تكشف فوارق حادّة بينهما. حكمت الدولة العثمانيّة ما يُعرَف اليوم بدولة لبنان أكثر من أربعة قرون. ولم تنتهِ سلطتها في جبل لبنان إلّا في العام 1918، في خضمّ مجاعة الحرب العالميّة الأولى التي أودت بحياة مئات الآلاف، معظمهم موارنة.
أمّا تركيا الحديثة فهي «قوّةٌ متوسّطة» صاعدةٌ ونشِطة، تسعى باندفاع إلى توسيع نفوذها وصولًا إلى إفريقيا وآسيا الوسطى. وهي عضوٌ محوريّ في حلف شمال الأطلسيّ، تؤدّي تارةً دور الوسيط لفضّ نزاعاتٍ عدّة، وتتدخّل طورًا في نزاعات أخرى بشكلٍ مباشر. ويُعَدُّ رئيسها رجب طيّب أردوغان قائدًا رؤيويًّا يتميّز بقدرة سياسيّة، وهو مُستَبدّ يُضيّق على الأصوات المعارضة.
حين زار البابا بولس السادس تركيا في العام 1967، وكانت تلك أوّل زيارةٍ بابويّةٍ للبلاد، حمل معه بعض الرايات العثمانيّة التي غنمها مسيحيّون في معركة ليبانتو الشهيرة. وأعادها الحبر الأعظم آنذاك في بادرة تسامح. غير أنّ تركيا في عهد أردوغان باتت قوّةً إسلاميّةً رافضةً الوضع الراهن، تستحضر أمجاد إمبراطوريّتها وتسعى إلى نشر الإسلام عالميًّا.
وفيما تُقيّد أنقرة النشاط التبشيريّ المسيحيّ، وتُحوّل عددًا من الكنائس البيزنطيّة التاريخيّة إلى مساجد، يُوسِّع مكتب الشؤون الدينيّة التركيّ حضوره في الغرب، مُغتنمًا هامش الحرّيّات. ويُموّل المكتب مئات المساجد في دول غربيّة ويفرض سيطرته عليها، ومنها مجمّع ضخم على الطراز العثمانيّ في ولاية ماريلاند الأميركيّة قرب واشنطن العاصمة.



