روما, الأربعاء 29 أكتوبر، 2025
في العام 1929، أصدر البابا بيوس الحادي عشر رسالة عامّة عنوانها «التربية المسيحيّة»، أكّد فيها أنّ «العنصر الطبيعيّ والأساس الأوّل في التربية هو العائلة، لأنّ الخالق نفسه أراد ذلك. بناءً عليه، فإنّ التربية التي يتلقّاها الإنسان عادةً في عائلة مسيحيّة منظّمة ومنضبطة تكون أكثر فاعليّة واستمرارًا، وتزداد ثمرتها بقدر ما تُقَدَّم فيها قدوةٌ صالحة وثابتة، تبدأ بالوالدَين، وتشمل سائر أفراد الأسرة».
وأوضح أنَّ التربية هي في جوهرها نشاطٌ اجتماعيّ، وليست مجرّد عمل فرديّ. وهناك ثلاث جماعات أساسيّة، متميّزة لكن منسجمة: العائلة والمجتمع المدنيّ، وهما من النظام الطبيعيّ، والكنيسة التي تنتمي إلى النظام الفائق الطبيعة.
كذلك، شدّد على أنّ حقَّ الكنيسة الثابت وواجبَها الذي لا يُمكن التخلّي عنه هو السهر على تربية أبنائها، في المؤسّسات العامّة والخاصّة، ليس في ما يتعلّق بالتعليم الدينيّ فحسب، بل بفروع المعرفة كافّة والنُظُم كلّها. وممارسة الكنيسة هذا الحقّ ليست تدخّلًا غير مبرَّر، بل هي رعاية أموميّة تهدف إلى حماية أبنائها من الأخطار الجسيمة المتمثّلة بالأضاليل العقائديّة والفساد الأخلاقيّ.
وبيَّنَ البابا أنّه من دون تربية دينيّة وأخلاقيّة سليمة تُصبح كلّ ثقافة فكريّة مصدرَ ضررٍ لا فائدة؛ لأنّ الشبيبة التي لا تُربّى على احترام الله لن تستطيع احتمال قيود الحياة، وإذ لم تتعلّم ضبط نفسها، يسهل أن تُستدرَج إلى الإخلال بالنظام العامّ. وأضاف أنّ المدارس المثاليّة لا تُبنى على مناهج جيّدة فحسب، بل على المعلّمين الصالحين المستعدّين جيّدًا والذين يتميّزون بصفات عقليّة وأخلاقيّة تتطلّبها مهمّتهم الخطيرة، والمفعمين بمحبّة طاهرة ومقدّسة تجاه التلاميذ الموكَلين إليهم، لأنّهم يُحبّون يسوع المسيح وكنيسته التي يُعَدّ هؤلاء أولادها الأحبّاء.

