ولفت إلى أهمّيّة صلاة المسبحة باعتبارها قراءة متجدّدة في الإنجيل وتأمّلًا في مراحل حياة يسوع المسيح وحوارًا حميمًا لا ينقطع مع الله، «إذ عبْر تلاوتها، يعيش المؤمن مسيرة مريم نفسها، من البشارة إلى القيامة، ويتعلّم أن يمتثِل لإرادة الله ويقول معها: "لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ"».
وأشار إلى أنّ بعض الناس يشكون التشتّت والملل في أثناء تكرار تلاوة صلواتها، وعزا السبب إلى عدم التركيز في كلمات الصلاة والتأمّل في معانيها. وأضاف: «إذا كرّرت الشفاه كلمات لا تلامس قلب الإنسان، حينئذٍ يُصيب الملل نفسه وتتشتّت أفكاره، لكن عندما يتلو الصلوات بقلبٍ حاضر وفكرٍ متأمّل سيفهم مدى روعتها الكامنة في بساطتها وعمقها، وسيعيش عبر أسرارها الثلاثة أهمّ وقائع حياة المسيح ويرتبط بها من خلال قلب أمّه».
مثابرة وكفاح
وعدّ يلدو الاختصار في تلاوة الورديّة أمرًا غير مرغوبٍ فيه، واصفًا الصلاة الحقيقيّة بأنّها مثابرة وكفاح وإلحاح يقتدي بتعليم ربّنا في الإنجيل الداعي إلى اللجاجة في الصلاة والإلحاح في قرع الباب المصحوب بتوقٍ ملؤه الرجاء إلى الاستجابة.
وتابع: «التصميم على الإنجاز يُسهم في تحقيقه فعليًّا، وربّنا نفسه قدّم لنا مثالًا نقتدي به بأن نكرّر طلبنا مئة مرّةٍ إذا لزم الأمر، وهو الذي لم يجد أفضل من الصلاة مُعينًا في ساعات الضيق، لا سيّما في بستان الزيتون، حين "ثُمَّ مَضى ثانيةً وصلَّى... ثُمَّ رَجَعَ فَوجَدَهم نائمين... فترَكَهم ومَضى مَرَّةً أُخْرى وصلَّى ثالِثَةً فرَدَّدَ الكلامَ نَفْسَه" (متى 26: 42-45)».
وختم يلدو مؤكِّدًا أنّ صلاة الورديّة غدت اليوم واسطة التأمّل والصلاة الأوسع انتشارًا بين المؤمنين كلّهم، صغارًا وكبارًا، نظرًا إلى بساطتها وسهولة فهمها، لافتًا إلى ما للمسبحة من مكانةٍ وقدسيّة دفعتا رهبانيّات عدّة إلى جعلها جزءًا من زيّها الرهبانيّ الرسميّ، ومنها رهبنتا بنات مريم وبنات القلب الأقدس الكلدانيّتان، وداعيًا الجميع إلى حملها دائمًا والمبادرة إلى تلاوتها يوميًّا بشوقٍ وفرح.