اليوم الدوليّ للترجمة... إضاءةٌ على أقدم المخطوطات العربيّة للعهد الجديد

مخطوطة سيناء عربي 151 (يمينًا) والقدّيس جيروم (يسارًا) مخطوطة سيناء عربي 151 (يمينًا) والقدّيس جيروم (يسارًا) | مصدر الصورة: مركز أبحاث ميونيخ/استكشاف التراث الثقافيّ اليهوديّ في الشرق الأدنى-ويكيميديا كومونز

يحتفل العالم في 30 سبتمبر/أيلول من كل عام باليوم الدولي للترجمة، وهو التاريخ الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017، توافقًا مع عيد القديس جيروم.

يُعرَف جيروم بأنّه شفيع المترجمين، وصاحب مؤلفات وترجمات مهمة تتقدّمها ترجمته الشهيرة للكتاب المقدس إلى اللاتينية، المعروفة باسم «الفولغاتا»، والتي بدأ العمل عليها في ثمانينيات القرن الرابع الميلادي. لكن يبقى السؤال: متى تُرجم العهد الجديد إلى العربية للمرة الأولى؟

لا إجابة قاطعة عن هذا السؤال، إذ تذكر بعض المصادر التاريخية أنّ الترجمة الأولى حصلت في القرن السابع على يد السريان العرب من قبائل طيء وتنوخ وعاقولا، بأمر من البطريرك يوحنا الثالث أبي السدرات، استجابةً لرغبة عمر بن سعد بن أبي وقاص. بينما تشير روايات أخرى إلى أنّ يوحنا أسقف إشبيلية في العصر الأموي (القرن الثامن) ترجم الكتاب المقدس إلى العربية لمصلحة مسيحيي الأندلس، معتمدًا على «الفولغاتا». ويُقال أنّ الطبيب والفيلسوف المسيحي حنين بن إسحق أنجز ترجمة في القرن التاسع، لكنّ جميع هذه الترجمات -إن حصلت- لم تصل إلينا.

أما الدليل الملموس الأول فيتمثل في المخطوط المعروف باسم «سيناء عربي 151»، المحفوظ في مكتبة دير سانت كاترين في صحراء سيناء. ويُعدّ هذا المخطوط أقدم ترجمة شبه كاملة للعهد الجديد إلى العربية إذ ضمّ جميع الأسفار السبعة والعشرين باستثناء الأناجيل الأربعة وسفر الرؤيا، وقد تُرجم عن السريانية إلى العربية متضمّنًا بعض التفاسير والتعليقات.

ويؤرَّخ المخطوط في العام 867م، وقد أنجزه في مدينة دمشق راهب من الكنيسة المشرقية اسمه «سبريشوع بشر بن السري»، على الرق (جلد الحيوان)، بخط يكشف مرحلة انتقالية من النسخ إلى الكوفي. وتولّى الباحث هارفي ستال تحقيقه ونشره كاملًا عام 1985.

ويُرجَّح أنّ ابن السري ترجم أيضًا الأناجيل الأربعة -أو اثنين منها على الأقل- وإن لم تبلغنا، لا سيما أنّ القبطي الأسعد هبة الله بن العسال (القرن الثالث عشر) أشار إلى وجود ترجمة أنجزها ابن سري لإنجيلي متى ولوقا.

وتضم مكتبة دير سانت كاترين كذلك المخطوطَين «رق 14 و15»، اللذين يحتضنان أقدم نسخة مكتشفة للأناجيل الأربعة القانونية، ويعود تاريخ كتابتهما إلى زمن مقارب لمخطوط ابن السري (ربما قبله أو بعده بمدة لا تتجاوز الأعوام الثمانية) وفقًا لرأي مؤرخين. كذلك، تحتفظ المكتبة نفسها بمخطوط آخر للأناجيل الأربعة، هو «سيناء عربي 72»، المؤرَّخ في العام 897م.

يُذكَر أنّ بالنسبة إلى العهد القديم، أقدم ما وصلنا من ترجمات عربية يعود إلى القرن العاشر الميلادي، وأبرزها ترجمة سعديا الفيومي (مصري يهودي) للتوراة في النصف الأول من ذلك القرن.

مخطوطة سيناء عربي 72. مصدر الصورة: مكتبة الكونغرس
مخطوطة سيناء عربي 72. مصدر الصورة: مكتبة الكونغرس

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته