قبّة القدّيس بطرس... عبقريّة معماريّة بين مايكل أنجلو وجاكومو ديلا بورتا

قبّة بازيليك القدّيس بطرس الفاتيكانيّة تحفة تشهد على التحالف التاريخيّ بين الإيمان والفنّ قبّة بازيليك القدّيس بطرس الفاتيكانيّة تحفة تشهد على التحالف التاريخيّ بين الإيمان والفنّ | مصدر الصورة: بوهوميل بيتريك/وكالة الأنباء الكاثوليكيّة

عندما تنظر إلى أفق وسط روما من بعض نواحي المدينة وهضابها، ترى قُبّة تعلو سماءها. إنّها رمز معماري ولاهوتي وفنّي لإحدى أهم كنائس العالم المسيحي، ويُعدّ بناؤها من أعظم إنجازات عصر النهضة وبداية الباروك.

ابتكر الفنّان الشهير مايكل أنجلو بوناروتي، رسّام كابيلا سيتين، قبّة بازيليك القديس بطرس الفاتيكانيّة عبر تصميمها والإشراف على تنفيذها. وبعد وفاته، تولّى المهندسان جاكومو ديلا بورتا ودومينيكو فونتانا المشروع، فأنجزاه بين عامَي 1588 و1590.

وفي خلال 22 شهرًا، وبمشاركة 800 عامل، رُفِعَت القبة. فجاء شكلها أكثر انسيابًا وعموديّةً مقارنةً بالمخطّط الأصلي. وعام 1593، وُضِعَت على قمتها كرة برونزية مذهّبة يعلوها صليب. فانتهى بذلك مسار معماري بالغ التعقيد.

قبّة بازيليك القدّيس بطرس الفاتيكانيّة تحفة تشهد على التحالف التاريخيّ بين الإيمان والفنّ. مصدر الصورة: Right Perspective Images/Shutterstock
قبّة بازيليك القدّيس بطرس الفاتيكانيّة تحفة تشهد على التحالف التاريخيّ بين الإيمان والفنّ. مصدر الصورة: Right Perspective Images/Shutterstock

«لمجد القدّيس بطرس»

أبعاد القبّة استثنائية إذ يبلغ أقصى ارتفاعها الداخلي 117 مترًا، فيما يصل الصليب أعلاها إلى أكثر من 133 مترًا. وخَلّد البابا كليمنت الثامن دور سلفه البابا سيكستوس الخامس المعني ببناء هذه التحفة المعماريّة. فنَقَش على قاعدة تاجها باللغة اللاتينيّة: «لمجد القديس بطرس، البابا سيكستوس الخامس، عام 1590، السنة الخامسة من حبريته».

أمّا عند قاعدة القُبّة الداخليّة فيوجد شريط فسيفسائي كُتِبَت عليه باللغة اللاتينيّة كلمات يسوع المسيح إلى القديس بطرس: «أنت صَخرٌ وعلى الصخر هذا سأبني كنيستي. وسأعطيك مفاتيح ملكوت السماوات» (متّى 16: 18-19)، إذ تقع القبة مباشرة فوق ضريح الرسول.

قبّة بازيليك القدّيس بطرس الفاتيكانيّة تحفة تشهد على التحالف التاريخيّ بين الإيمان والفنّ. مصدر الصورة: ستيفن دريسكول/وكالة الأنباء الكاثوليكيّة
قبّة بازيليك القدّيس بطرس الفاتيكانيّة تحفة تشهد على التحالف التاريخيّ بين الإيمان والفنّ. مصدر الصورة: ستيفن دريسكول/وكالة الأنباء الكاثوليكيّة

شخصيّات الفسيفساء

كسا البابا كليمنت الثامن داخل القبّة رداءً فسيفسائيًّا، أشرف على تنفيذه الفنّان مارشيلّو بروفنزالي بين عامي 1598 و1613. فغُطِّيَت مساحة تقارب ثلاثة آلاف متر مربع بسماء زرقاء تتلألأ فيها نجوم مذهّبة. وقُسِّمت إلى 16 جزءًا محدّدًا بأضلاع.

ومن أعلى القبّة إلى أسفلها تظهر صورة الآب الأزلي مباركًا ثم ملائكة السرافين والكَروبين. ويليهم ملائكة آخرون يحمل بعضهم رموز الآلام، ثم يوحنا المعمدان، والعذراء، والقديس بولس، والرسل. وفي الأجزاء السفلى آباء وأساقفة.

قبّة بازيليك القدّيس بطرس الفاتيكانيّة تحفة تشهد على التحالف التاريخيّ بين الإيمان والفنّ. مصدر الصورة: ألكسي غوتوفسكي/وكالة الأنباء الكاثوليكيّة
قبّة بازيليك القدّيس بطرس الفاتيكانيّة تحفة تشهد على التحالف التاريخيّ بين الإيمان والفنّ. مصدر الصورة: ألكسي غوتوفسكي/وكالة الأنباء الكاثوليكيّة

وتجسِّد قُبّة البازيليك نقطة التقاء بين الرؤية الفنية والعبقرية التقنية. ولا تزال حتى اليوم شاهدًا فريدًا على قدرة الفنّ على تجسيد الإيمان طوال العصور.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته