مزار سيّدة بشوات… معلمٌ دينيّ وسياحيّ في قلب البقاع اللبنانيّ

بعلبك, الجمعة 15 أغسطس، 2025

تحتفل الكنيسة المقدّسة في 15 أغسطس/آب من كلّ عام بتذكار انتقال السيّدة العذراء إلى السماء بالنفس والجسد. في هذه المناسبة، نُسلّط الضوء على مزار سيّدة بشوات العجائبيّة في منطقة البقاع اللبنانيّة.

مقام سيّدة بشوات العجائبيّة هو كنيسة ومزار مريميّ يقع في بلدة بشوات اللبنانيّة في محافظة بعلبك الهرمل. ويُشكّل تمثال السيّدة العذراء، بثوبها الأزرق المميّز والمصنوع من حجر بازلتيّ، علامةً فارقة في ذلك المكان رغم تواضع محتوياته، فهو مكان صلاة وإيمان وخشوع. ويُذكر أنّ أيقونة خشبيّة بيزنطيّة للسيّدة العذراء مريم اكتُشِفَت في كهف عميق عام 1741، وبعدها بُنيت فوقه كنيسة. وتعود تسمية سيّدة بشوات إلى قدّيس مصريّ اسمه الأنبا بيشواي.

وقد يرجِع قِدم المكان والكنيسة إلى أكثر من ألف سنة، فالفسيفساء الموجودة تحت الأرض والأعمدة تشير إلى أنّها من أيّام الرومان والحضارات القديمة. أمّا المزار الحاليّ فعمره بحدود 300 سنة، والكنيسة القديمة الموجودة حتّى اليوم رمّمت في أواخر العام 1700 بمجيء آل كيروز واستلامهم المزار. كذلك، أكّد خبراء أنّ عمر شجرة السنديان الشامخة قرب مقام سيّدة بشوات يفوق ألفَ سنة، إذ جرى العُرف أن تُزرَع شجرة تزامنًا مع بناء أيّ كنيسة، بغية تحديد عمرها.

يُعدُّ هذا المزار وجهةً سياحيّة دينيّة مهمّة في لبنان، وفي العام 2023 أُدرِجَ في خريطة السياحة الدينيّة العالميّة. ويستقطب سنويًّا آلاف المؤمنين والزوّار من أنحاء العالم، ومن مختلف الأديان والطوائف، بهدف الصلاة، وطلب الشفاعة، والحصول على النِعَم والبركات.

أُطلِقَ على هذا المزار اسم سيّدة بشوات العجائبيّة بفضل ما يحصل من معجزات، فالعذراء هي قدّيسة المنطقة التي تحميها وترعى أهلها الصامدين في وجه التحدّيات. ولا تقتصر عجائب سيّدة بشوات على شفاء المرضى، بل انتشرت في البلدة بكاملها. وثمانون في المئة من أبناء بشوات يقطنونها صيفًا وشتاءً بعدما وفّر سيل الزوّار فرص عمل لأبنائها، فضلًا عن فرص العمل التي وفّرتها تعاونية التذكارات المرتبطة بصنع البخور والشموع وغيرها، إضافة إلى بيت مريم للضيافة، وعدد من أماكن الإقامة والمطاعم.

يا سيّدة بشوات العجائبيّة، يا شفيعة المتألّمين والمظلومين، صلّي لأجلنا نحن الملتجئين إليكِ، حتّى ننتصر على كلّ محنة، سائرين معكِ في كلّ حين صوبَ ابنكِ الإلهيّ.