هل نسمّي إيماننا المسيحيّ إبراهيميًّا؟

إبراهيم والوَعد بِنَسلٍ بعدد نجوم السماء إبراهيم والوَعد بِنَسلٍ بعدد نجوم السماء | مصدر الصورة: Renata Sedmakova/Shutterstock

بمناسبة مرور شهرٍ على رحيل المطران بولس ثابت راعي أبرشيّة ألقوش الكلدانيّة، تستذكر وكالة «آسي مينا» إسهاماته في إغناء محتواها عبر لقاءات عدّة وتسليطه الضوء على جوانب مهمّة في حياة الكنيسة والمؤمنين، وتنشر هنا نتاج التعاون الأخير مع الراحل.

من يقرأ في سفر التكوين: «فَلا يُدعَى اسمُكَ بَعْدُ أَبرَامَ بَلْ يَكُونُ اسمُكَ إبراهيم، لأَنِّي أَجعَلُكَ أَبًا لِجُمهورٍ مِنَ الأُمَمِ»، يعلم أنّ «إبراهيم» هو اسم اختاره الله لـ«أبرام»، ذلك الإنسان الذي آمن بوعد الله له حين دعاه إلى ترك أرضه وعشيرته وأهله لكي ينال كمال الموعد بأن يصير أمّةً عظيمةً ومباركة (تك 12: 1-3).

وإذ شاع في الآونة الأخيرة على المسامع مصطلح «ديانة إبراهيميّة»، أو دياناتٍ بصيغة الجمع، في إشارةٍ إلى دياناتٍ بعينها، يتساءل كثيرون: هل توجد ديانة إبراهيميّة؟ وهل تُعدّ المسيحيّة ديانة إبراهيميّة؟ سعت «آسي مينا» عبر حديثها مع المطران ثابت، إلى الإجابة عن هذه التساؤلات.

أكّد ثابت بدايةً أنّ إبراهيم، حسب تعليم الكتاب المقدّس، ليس صاحب فكرة أو دعوة لينشرها بين الناس كي تكون له ديانته الإبراهيميّة. بل هو إنسان وَعَده الله، وهو بدوره آمن بحتميّة تحقُّق الوعد.

آمَن بالوعد

وأشار إلى أنّنا لا نجد إبراهيم في سفر التكوين يدعو باسم الله سوى مرّتين إبّان إقامته في أرض كنعان. وعدا ذلك، فالكلام كلّه هو عن وعد الله لإبراهيم وعهده معه وما سيترتّب على إيمان إبراهيم من أحداثٍ مستقبلًا.

ولفت إلى أنّ إبراهيم نال بإيمانه ثقةَ الله فأكثَرَ نسله، لا كامتيازٍ بل من أجل رسالةٍ ومَهَمّة، «فإبراهيم مختارٌ من الله ليخدم موضوع الوحي وحقيقته ويُسهم في كماله. ولأنّه ليس جوهر الوحي، لا نستطيع أن نقول: ديانة إبراهيميّة».

رغم تكاثر أبناء إبراهيم ليصبحوا شعبًا كبيرًا وكثيرًا، بحسب الوعد، يحيلنا ثابت إلى رسالة بولس الرسول إلى الغلاطيّين: «وَأَمَّا المَوَاعِيدُ فَقِيلَتْ فِي إِبْرَاهِيمَ وَفِي نَسْلِهِ. لا يَقُولُ: "وَفِي الأَنْسَالِ" كَأَنَّهُ عَنْ كَثِيرِينَ، بَلْ كَأَنَّهُ عَنْ وَاحِدٍ: "وَفِي نَسْلِكَ" الَّذِي هُوَ الْمَسِيحُ»، ليبرز أنّ يسوع المسيح هو ابن الموعد وكماله.

المسيح كمال دعوة إبراهيم

وخلص ثابت إلى أنّ إيماننا المسيحيّ يقوم على يسوع المسيح ابن الله الحيّ المتجسِّد، وهو غاية دعوة إبراهيم وبرّه وإيمانه، «فالمسيح القائل: "الحَقَّ الحَقَّ أَقُولُ لَكُم: إِنَّنِي كَائِنٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ" هو المرجع، لا إبراهيم الذي رأى بعيون الإيمان يوم المسيح وفرح: "أَبُوكُمْ إِبْرَاهِيمُ ابْتَهَجَ لِرَجَائِهِ أَنْ يَرَى يَوْمِي، فَرَآهُ وَفَرِحَ"».

وختم: «إبراهيم هو علامة تشير إلى المسيح، ودعوته بكاملها هي لإظهار هذه الحقيقة. ويقيننا أنّ إبراهيم هو مثالنا في الإيمان، لكنّه ليس موضوع إيماننا لكي نسمّيه إبراهيميًّا، وإذ نعلم أنّ المسيح هو كمال دعوة إبراهيم، فلا يوجد إيمانٌ إبراهيميّ أو ديانة إبراهيميّة بغير الاعتراف بحقيقة المسيح الكاملة حسب الإنجيل».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته