البابا فرنسيس يشبّه سلام المسنّين بسلام ابن الله على الصليب

البابا فرنسيس مُحاطًا بمجموعةٍ من الأطفال في نهاية المقابلة العامّة الأسبوعيّة في 18 أيّار 2022 البابا فرنسيس مُحاطًا بمجموعةٍ من الأطفال في نهاية المقابلة العامّة الأسبوعيّة في 18 أيّار 2022 | Provided by: Vatican Media
البابا فرنسيس في السيّارة الباباويّة وترافقه مجموعة من الأطفال في بداية المقابلة العامّة الأسبوعيّة في 18 أيّار 2022 البابا فرنسيس في السيّارة الباباويّة وترافقه مجموعة من الأطفال في بداية المقابلة العامّة الأسبوعيّة في 18 أيّار 2022 | Provided by: Daniel Ibáñez / CNA

تابع البابا فرنسيس اليوم سلسلة تعاليم الأربعاء حول الشيخوخة. وتكلّم خلال المقابلة العامّة اليوم التي حصلت في ساحة القدّيس بطرس، عن أيّوب، محنة الإيمان وبركة انتظار وعد الله.

بعد قراءة نصّ من الفصل 42 من سفر أيّوب. بدأ البابا فرنسيس بتحيّة الحجّاج المتقاطرين إلى ساحة القدّيس بطرس. ثم افتتح الأب الأقدس الكلام عن سفر أيّوب من العهد القديم قائلًا إنّنا نلقى أيّوب في مسيرتنا التعليميّة عن الشيخوخة. فبالنسبة إلى البابا، لم يقبل أيّوب صورة كاريكاتوريّة عن الله، بل صرخ معترضًا أمام الشرّ كي يجيبه الله ويكشف عن وجهه. وفي آخر المطاف، أجاب الله أيّوب دون سحقه بل بسيادة حنانه. ودعا البابا لقراءة سفر أيّوب دون أحكام مسبقة كي نفهم قوّة صرخة أيّوب.

تابع الأب الأقدس شارحًا أنّ في النصّ المعني من سفر أيّوب نتذكّر قصّة أيّوب الذي فقد كلّ شيء من الغنى إلى العائلة فالأولاد والصحّة وبقي مكسورًا بعد حديثٍ مع ثلاثة من أصدقائه ثمّ مع صديق رابع. وعندما يتكلّم الله، يتمّ مديح أيّوب لأنّه فهم سرّ حنان الله المخفيّ وراء صمته. ومن ناحية أخرى يؤنّب الله أصدقاء أيّوب الذين ادّعوا معرفة كلّ شيء عن الله وعن الألم. لأنّهم «وبعد أن جاءوا لتعزية أيوب، انتهى بهم الأمر إلى أن يحكموا عليه بحسب مخططاتهم المسبقة. ليحفِظْنا الله من هذه التقوى المشوهة المنافقة والمليئة بالغرور! ليحفِظْنا الله من ذلك التزمت الديني الأخلاقيّ المبتذل ومن ذلك التزمت الديني بحسب الوصايا الذي يعطينا تطاول معين ويؤدي إلى الرّوح الفريسيّة والنفاق»، بحسب ما أعلن البابا.

وشرح البابا أنّ: «نقطة التحوّل في الرجوع إلى الإيمان تحدث على وجه التحديد في ذروة فورة أيوب، عندما قال: "فادِيَّ حَيٌّ وسيقوم الأَخيرَ على التُّراب. وبَعدَ أَن يَكونَ جِلْدي قد تَمَزَّق أُعايِنُ اللهَ في جَسَدي. أُعايِنُه أَنا بِنَفْسي وعَينايَ تَرَيانِه لا غَيري" (19، 25-27)».

 كما قارن البابا بين أيّوب ومواقف الحياة اليوميّة الشبيهة جدًّا لما حدث معه، اذ قد اختبر البعض منّا أنّ المصائب لا تأتي فُرادى بل تتراكم على الشخص عينه. وذكر البابا الأشخاص الذين تتراكم عليهم المِحَن. فقال: «أفكّر في والدِي الأطفال الذين يعانون من إعاقات شديدة، أو في الذي يعاني من مرض دائم، أو أحد أفراد العائلة بقربنا... إنّها أوضاعٌ تتفاقم غالبًا بسبب قلّة الموارد الاقتصاديّة». كما اعتبر الأب الأقدس أنّه يبدو أنّ بعض المِحَن تلتقي في موعد جماعيّ كما «حدث في السّنوات الأخيرة مع جائحة الكوفيد-19، وما يحدث الآن مع الحرب في أوكرانيا».

وأضاف البابا: «هل يمكننا أن نبرّر هذه ”التجاوزات“ على أنّ هناك عقلًا يفوق الطّبيعة والتّاريخ؟ وهل يمكن أن نباركها دينيًّا ونعتبرها جوابًا مستحَقًّا على ذنوب الضّحايا؟ كلا، لا نستطيع. هناك نوع من الحقّ للضحيّة في أن تحتجّ على سرّ الشّرّ، وهو حقّ منحه الله لكلّ إنسان، لا بل، الله نفسه، في النّهاية، هو الذي يلهمنا إيّاه». وقال البابا: «إن كان لديك بعض الجروح في قلبك، وبعض الألم وتشعر بالرغبة في الاحتجاج، فاحتج على الله، فهو يصغي إليك، فهو أب، ولا يخاف من صلاتنا الاحتجاجيّة، لا! الله يتفهّم ذلك. لكن كن حرًّا، كن حرًّا في صلاتك، ولا تسجن صلاتك في مخططات مسبقة!»

وقارن البابا بين أيّوب الذي ناشد الله عائشَا خبرةً شبه صوفيّة، وهو الذي قال: «كُنتُ قد سَمِعتُكَ سَمعَ الأُذُن أَمَّا الآنَ فعَيني قد رَأَتكَ» (سفر أيّوب 42: 5)، والمسنّين «الذين يصيرون شهودًا يبدلّون الاستياء من الخسارة إلى انتظار لوعد الله». واعتبر البابا أنّ: «هؤلاء المسنّون هُم ذُخرٌ لا غنى عنه للجماعة في مواجهة تجاوزات الشّرّ. نظرة المؤمنين التي تتوجّه إلى المصلوب تتعلّم هذا بالتّحديد. ويمكننا نحن أيضًا أن نتعلّم ذلك، من أجدادٍ وجدّاتٍ كثيرين، ومن كبار السّن الكثيرين الذين ضموا صلاتهم، مثل مريم، وأحيانًا كانت صلاتهم مؤلمة، مع صلاة ابن الله الذي سلّم نفسه للآب على الصّليب».

وفي ختام شرحه دعا للنظر إلى كبار السّنّ، والنظر إلى المسنين. «لننظر إليهم بمحبّة، وللنظر إلى خبرتهم الشخصيّة. لقد تألّموا كثيرًا في الحياة، وتعلّموا الكثير في الحياة، ومرّوا بالكثير، لكن في النهاية لديهم هذا السّلام، - أودّ أن أقول – لديهم تقريبًا سلامًا روحيًّا، أي سلام اللقاء مع الله». وشبّه الأب الأقدس في آخر حديثه سلام المسنّين بسلام ابن الله الذي سلّم نفسه للآب على الصليب.

 

المزيد

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته