الكنائس الشرقية تستنكر كلّ الصّراعات والحروب وتدعو مسيحيّي المنطقة إلى التمسّك بالرّجاء

مجلس كنائس الشرق الاوسط مجلس كنائس الشرق الاوسط | Provided by: The Middle East Council of Churches
مجلس كنائس الشرق الاوسط مجلس كنائس الشرق الاوسط | Provided by: The Middle East Council of Churches
مجلس كنائس الشرق الاوسط مجلس كنائس الشرق الاوسط | Provided by: The Middle East Council of Churches
مجلس كنائس الشرق الاوسط مجلس كنائس الشرق الاوسط | Provided by: The Middle East Council of Churches
مجلس كنائس الشرق الاوسط مجلس كنائس الشرق الاوسط | Provided by: The Middle East Council of Churches
مجلس كنائس الشرق الاوسط مجلس كنائس الشرق الاوسط | Provided by: The Middle East Council of Churches
مجلس كنائس الشرق الاوسط مجلس كنائس الشرق الاوسط | Provided by: The Middle East Council of Churches
مجلس كنائس الشرق الاوسط مجلس كنائس الشرق الاوسط | Provided by: The Middle East Council of Churches

افتتح مجلس كنائس الشرق الأوسط أعمال جمعيّته العامة الثانية عشرة اليوم الإثنين 16 مايو 2022 تحت شعار "تشجّعوا! أنا هو. لا تخافوا!" (متّى 14: 27)، بحضور ممثّلين عن 21 كنيسة في الشرق الأوسط، حيث أكّدوا جميعًا على أهميّة التجدّد والتمسّك بالرّجاء وبإيماننا بيسوع المسيح لأنّ معه لا نخاف ولا نضطرب، مشدّدين على ضرورة التشبّث بمشرقنا وأرضنا المقدّسة، مهد المسيحيّة.

الجدير بالذكر أن رؤساء العائلات المسيحية الأربع بمجلس كنائس الشرق الأوسط هم:

الكاردينال مار لويس روفائيل ساكو، بطريرك الكلدان في العالم، رئيس المجلس عن العائلة الكاثوليكية،

البطريرك مار إغناطيوس إفرام الثاني، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق، والرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم، رئيس المجلس عن العائلة الأرثوذكسية الشرقية،

البطريرك يوحنا العاشر يازجي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، رئيس المجلس عن العائلة الأرثوذكسية،

القس الدكتور حبيب بدر، رئيس الاتحاد الإنجيلي الوطني بلبنان، رئيس المجلس عن العائلة الإنجيلية.

استهلّت العائلة الأرثوذكسيّة الشرقيّة اليوم الأوّل بصلاة افتتاحية، بكنيسة التجلّي في المركز البابويّ. بعدها توجّه المشاركون إلى قاعة المجمع المقدّس حيث افتُتحت الجمعيّة العامة.

ورحب الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط الدكتور ميشال عبس بالمشاركين، مقدمًا الشكر لقداسة البابا تواضروس الثاني والكنيسة القبطية الأرثوذكسية على استضافتها لأعمال الجمعية العامة الثانية عشرة للمجلس.

ثم عرض فيلم تسجيلي بعنوان "من مصر دعوت ابني.. الكنيسة القبطية أرض الشهداء والقديسين" أعدته دائرة التواصل والإعلام والعلاقات العامة بالمجلس تحية إلى كرسي الكرازة المرقسية، الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

وبدأت فاعليات الجلية بكلمة البابا تواضروس الثاني رحب خلالها بالكنائس المشاركة، معربًا عن سعادته باستضافتهم، ثم قال: "نستنكر يومًا بعد يوم الحروب والاضّطهادات والإرهاب، ونتساءل كمسيحيّين، الخصومات من أين تأتي؟ تلك الّتي تأتي من النفس البشريّة الطامعة، تلك الأطماع الّتي جعلتها تقع فرّيسة الطمع والحسد. نجد أنفسنا أمام مسؤوليّتنا وتجري في داخلنا أصوات ضمائرنا، ليكون أمامنا صوت الحقّ، ونقول للعالم أعدّوا طريق الربّ واصنعوا الطريق المستقيم، فالكنيسة هي حارسة الأخلاق ومذبح التعليم وغارسة الحياة الأفضل فلنتشجّع بكلمات الربّ لنعلن مواقفنا الثّابتة".

وبعد انتهاء الكلمة قدم الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط الدكتور ميشال عبس هدية شكر من المجلس للبابا تواضروس الثاني، عبارة عن منحوتة من حجر لبنان ترمز إلى يدي البابا أيّ يد العطاء، يد الله حاملًا صليب الأقباط والصليب في حضانة أغصان الزيتون ينتهي بشعلة النور المقدّس.

بعدها كانت كلمات رؤساء مجلس كنائس الشرق الأوسط الّذين استنكروا كلّ الصّراعات والحروب والأزمات الّتي أثقلت كاهل المشرقيّين.

 البطريرك يوحنا العاشر قال: "يضمّنا تاريخ عريق، وتجمعنا الشّهادة بيسوع المسيح، تشديدنا اليوم أنّ ما يجمعنا كمسيحيّين هو أكثر ممّا يفرّقنا، واجتماعنا هذا يؤكّد أنّنا نريد أن نكون عائلة واحدة رغم رواسب التاريخ. دعوتنا أن ننظر إلى مزيد من التجدّد، دعوتنا أن نقارب وجودنا المسيحيّ من منطلق الدور والريادة وليس من منطلق العدد، وأشدّد أنّنا مسيحيّو هذا الشّرق باقون ومتجذّرون، كفانا إرهابًا وقتلًا، صلاتنا من أجل مجلس كنائس الشرق الأوسط ومصر وسائر البلدان".

تلاه البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني فأشار إلى: "أنّ الخوف والقلق والهموم والمجاعات تسيطر على حياة أبنائنا وتجعلهم أمام درب صليب جديد، وأعطتنا دروسًا في الشّهادة المسيحيّة وهذه هي سمات الكنيسة في شرقنا كنيسة شهيدة ومتألّمة. نستنكر كل أنواع العنف والحرب، ونصلي من أجل إحلال السلام، وليس شعار هذا الاجتماع تشجعوا. انا هو. لا تخافوا سوى مؤشر لنكون شهودا للمسيح في الخدمة، والمحبة، والتضامن".

من جهته، البطريرك مار لويس روفائيل ساكو أنّنا "نحن الأحفاد علينا ألا نستسلم اليوم لليأس لأنّنا أبناء الرّجاء، وأتمنّى أن يخلص هذا الاجتماع بخارطة طريق تعزّز روح المسكونيّة، لأنّنا نشكّل فسيفساء جميلة بالتنوّع. يجب علينا الارتقاء بالحوار المسيحيّ الإسلاميّ على قاعدة المواطنة، والعمل على الالتزام الأخلاقيّ وتكريس مبادئ حقوق الإنسان ووضع استراتيجيّات تعمل من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية وحفظ كرامة الإنسان".

بدوره قال القسّ حبيب بدر: "المسكونيّة هي من أهمّ الحركات الموجودة في الكنيسة، وتجربتي علّمتني ما هو الصّبر المسكونيّ، وأؤكّد أنّ مجلس الكنائس لديه مستقبلًا زاهرًا وأثني على شعار اللّقاء لما يحمل من ثبات ورجاء وتجذّر".

كما ألقى الأمين العام لمجلس د. عبس كلمة قال فيها: "تشجّعوا لا تخافوا إذ أنّكم مكوّنون من عناصر إنسانيّة وإيمانيّة عزّ نظيرها. ها أنتم بعد ألفي عام ما زلتم تشهدون على رسالة السيّد المتجسّد المتمرّد على تجّار الهيكل كما على الظّلم، ومؤسّساتكم تملأ مجتمعاتكم ثقافة وعلما وخدمة". وأضاف:" نحن لا نخاف لأنّه علمنا ألا نخاف، بسيرته ومسراه وتعاليمه، لم يسمح للخوف أن يتسربل إلى قلوبنا. في هذا الشرق الممزّق والمتألّم، ننظر إلى المستقبل بثقة وأمل. نحن أبناء الحياة لأنّنا أبناء القيامة، نحبّ الحياة ونسعى إلى تجويدها وجعلها أفضل، بفضل المعرفة والبحث العالميّ". فإنّنا نجتمع، رؤساء، ومندوبي كنائس ومعاونيهم، أتوا ليباركوا المسار وليؤكّدوا استمراريّة العمل المسكونيّ وهو على عتبة الخمسين.

المزيد

ثم كلمة لرئيس الطائفة الإنجيلية بمصر الدكتور القس أندريه زكي قال: "خاض مسيحيّ الشرق الأوسط خلال العقد الماضي تحديات خطيرة في عدة بلاد، هددت وجودهم وتأثيرهم، وهنا دور الكنيسة، التي كانت على مر العصور صامدة شامخة، متجددة، واعية، محافظة على الإيمان، حاملة الصليب وتابعة لإلهها، مقدِّمةً نموذج المحبة والخدمة والتراحم الإنساني.

ليس بمقدور أحدٍ مواجهة هذه التحديات والمتغيرات بمفرده، فهي كعاصفة شديدة تهدد الجميع، لكن لنا وعود الرب، وهي صادقة: "أنا هو لا تخافوا"، إنما تحمِّلنا مسؤولية تجاه بعضنا البعض وإرساليةً تجاه العالم المحيط بنا. فلدينا ككنيسة مسؤوليات تجاه مجتمعاتنا؛ إرسالية السلام في عالم مضطرب، والمحبة في عالم علت فيه أصوات الكراهية والإقصاء، ونبث الطمأنينة في وسط القلق.

أخيرًا، أصلي من أجل السلام المحبة والتآخي والإنسانية في منطقة الشرق الأوسط، وفي كل العالم، وأن تنحسر لغة العنف والحرب والكراهية. أصلي من أجل كنائسنا ودورها وتأثيرها في المجتمع، من أجل جميع الرعية في كل كنائسنا للثبات في كلمة الله والإيمان."

تخلّل يوم الافتتاح هذا الحدث المسكونيّ كلمات لعدد من بطاركة الشرق رؤساء وفود مجلس كنائس الشرق الأوسط ممثّلين مختلف العائلات الكنسيّة، إضافةً إلى تحيّات عبر الفيديو من بعض شركاء المجلس الدوليّين، ليختتم اليوم الأوّل بصلاة ختاميّة مع العائلة الأرثوذكسيّة الشرقيّة ترأسها البابا تواضروس.

كما شهد اليوم الثاني جولة تفقدية في مركز لوجوس بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون، قام بها ضيوف الجمعية العامة، من أعضاء الوفود المشاركة وأعضاء اللّجنة التنفيذيّة لمجلس كنائس الشرق الأوسط، وخبراء وشركاء المجلس، تعرفوا خلالها على مكوناته وتأسيسه ورمزيته العريقة.

وتضمنت الجلسات، جلسة ترأسها القسّ الدكتور حبيب بدر، تم خلالها التأكد من النصاب القانونيّ وترشيح اللجان وتحديد أوراق الاعتماد، الترشيح، الإدارة، والصّياغة. تلاها جلسة عامة حول موضوع الجمعيّة "تشجعوا! أنا هو. لا تخافوا!" (مت ١٤: ٢٧).

ثم قدم الدكتور القس أندريه زكي، محاضرة لاهوتيّة حول أبعاد الموضوع، لا سيما في ظل التحديات الّتي يواجهها مسيحيّو المنطقة.

(تستمر القصة أدناه)

متأملًا، في معجزة المشي على الماء، وما تحويه من معانٍ لاهوتيةٍ عظيمةٍ وعميقةٍ، ورسائل حياتية نافعة لكل زمان ومكان.  (مت 14: 22- 32).

مفسرًا "أنا هو".. التعرف على كينونة الله وهويته: فهو تعبير يحمل دلالات لاهوتية تشير إلى اسم الله الذي عرف الله به نفسه لموسى

لذا في هذا المشهد، يعلن السيد المسيح، إضافة إلى سلطانه غير المحدود على الطبيعة، أنه هو نفس الإله "يهوه" الذي كلم موسى في العهد القديم، ويؤكد على سلطانه بإعلان واضح عن هويته وكينونته الإلهية، ليمنح الثقة والسلام ويؤكد أن الأمور لن تخرج عن سلطانه مهما حدث.  فهو الله الخالق، صاحب السلطان.

"لا تخافوا". وصية وإرسالية: يرتبط حضور الله بالسلام والتغلب على المخاوف، وهنا حينما أعلن السيد المسيح عن سلطانه وهويته، طمأن تلاميذه الخائفين في القارب من الغرق والموت. التعرف على الله هو مصدر الطمأنينة والسلام. وفي مناسبات عديدة نجد السيد المسيح يمنح السلام لتلاميذه المضطربين؛

وإذ يجتاز عالمنا اليوم ظروفًا قاسيةً من حروب وأوبئة وأزمات اقتصادية، فإننا مكلَّفون ليس فقط بالثقة في الله وقدرته وسلطانه، لكن أن نطمئن الآخرين أيضًا، فكلمة "لا تخافوا" ليست فقط وصيةً من الله لكنها أيضًا تحمل إرسالية ومسؤولية كبيرة علينا.

إن رسالتنا هي رسالة السلام وسط التحديات؛ فإن كان الموت هو أكثر ما يخيف الإنسان، فالمسيح انتصر عليه وعلى كل ما يخيف الإنسان ويهدده، قدم السيد المسيح الرعاية لكل هؤلاء، شفى المرضى وجال يصنع خيرًا، قدم لهم الخبز الفعلي في إشباع الجموع، وقدم لهم أيضًا الخبز الروحي في تعليمه وتغييره للأفكار السائدة الخاطئة، رفض أن يستمد سلطته من الناس لأنه وحده كلي القدرة والسلطان على الطبيعة والموجودات جميعها.

ينتهي المشهد أيضًا بسجود التلاميذ وإعلانهم إيمانهم: "بِالْحَقِيقَةِ أَنْتَ ابْنُ اللهِ!". يعلن الله عن ذاته وهويته فنؤمن، نحن نعلم بمن نؤمن، وعندما نعرف بمن نؤمن حق معرفة، نثبت ولا نخاف في مواجهة العواصف. قال بولس الرسول في رسالته الثانية إلى تيموثاوس: "لكِنَّنِي لَسْتُ أَخْجَلُ، لأَنَّنِي عَالِمٌ بِمَنْ آمَنْتُ، وَمُوقِنٌ أَنَّهُ قَادِرٌ أَنْ يَحْفَظَ وَدِيعَتِي إِلَى ذلِكَ الْيَوْمِ".

فالله يؤازرنا ويترفق بنا، ويتعامل مع أسئلتنا وشكوكنا، وتدل عاصفة البحيرة على ضعفنا وحاجتنا الملحة إلى الله، وإعلان سلطانه على حياتنا. في إقرارنا واعترافنا بقدرة الله وسلطانه تسليم لكافة التحديات أمامه واثقين أنه فوق الكل وقدير وقادر. إن كانت التحديات قد حجبت هويته عن أعيننا فلنجعلها فرصة لنقترب إليه ونراه بوضوح، ففي معرفتنا له إدراك لهويته وهويتنا فيه، حتى نستطيع أن نهتف مع بولس الرسول: "لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِهِ".

ثم ألقى البروفسور إبراهيم مارون أستاذ الاقتصاد وعلم الاجتماع الاقتصادي والإدارة المالية، محاضرة اجتماعية، اقتصادية وجيوسياسية بعنوان "ديموغرافيّة مسيحيّي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بين بداية القرن العشرين والعقد الثاني للقرن الواحد والعشرين". تلاها فقرة مناقشة وأسئلة حول ما طرحه كلّ من المتكلّمين.

واختتم اليوم الثاني باجتماع لأعضاء كل عائلة من العائلات الكنيسة الأربعة، واجتماع اللجان ولجنة صياغة البيان الختامي.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته