الأب بولس الفغالي… السائر والثائر عبر الكلمة

عماد فغالي والمونسنيور الراحل الأب بولس الفغالي عماد فغالي والمونسنيور الراحل الأب بولس الفغالي | مصدر الصورة: عماد فغالي

ثمّة أشخاص يمرّون في التاريخ ويرحلون لكنّ بصمتهم النورانيّة تبقى حاضرة في ذاكرة الوجدان، تشهد على عبورهم وتتحدّث عنهم. ومن بين هؤلاء، المونسنيور اللبنانيّ الراحل الأب بولس الفغالي الذي كرّس حياته لنشر كلمة الربّ يسوع، والوعظ والتعليم، بكلّ غيرة وأمانة رسوليّة. وللتوقّف عند أبرز ما تميّزت به محطّات حياته، يطلّ عبر «آسي مينا» د. عماد فغالي ليُخبرنا كيف كان الأب بولس سائرًا عبر الكلمة.

يقول فغالي: «مهمّة الكاهن ضمن تعاليم الكنيسة تتمثّل أوّلًا في نقل الكلمة، وهذه مهمَّته النبويّة، ومن ثمّ تقديس المؤمنين بواسطة أسرار الكنيسة، وهذه رسالته الكهنوتيّة، وبعدها تدبير شؤون الكنيسة، وهذا عمله الرعويّ. ويمنح الله الكهنة والأساقفة موهبة خاصّة لكلٍّ منهم، فتتجلّى في ناحيةٍ من رسالتهم».

ويردِف: «مِن الكهنة مَن يُمارسون الشقّ الرعويّ بشكل كبير، ومنهم مَن يتّجهون صوب الشقّ الأسراريّ، فيُمارسون الاحتفالات بالأسرار، من معموديّة وزواج وغيرها. وهناك أيضًا بينهم مَن يهتمّون بالكلمة، أي بالتعليم. والله أعطى الأب بولس منذ طفولته نعمة اكتساب المعارف، حتّى إنّه تميّز بين رفاقه، وأذكر ما قاله عنه المطران فرنسيس البيسري: "أعظمنا علمًا ومعرفة… باخوس"، وهو اسم الأب بولس الفغالي قبل الكهنوت».

ويكشِف: «الأب بولس الفغالي تخصّص في الكتاب المقدّس، أي الكلمة التي هي الله، يسوع المسيح. وعندما نقول إنّ الأب بولس سائر عبر الكلمة، هذا يعني أنّه سائر صوب الربّ يسوع. فقد كان الكتاب المقدّس شغله الشاغل، أي أنّه محال أن يوجَد للأب فغالي أثر خارج الإنجيل».

عماد فغالي. مصدر الصورة: عماد فغالي
عماد فغالي. مصدر الصورة: عماد فغالي

ويُضيف فغالي: «كان الإنجيل هو هويّته الكهنوتيّة والمسيحيّة والمعتقديّة الإيمانيّة، وحين كان يحتفل بالذبيحة الإلهيّة وغيرها من الاحتفالات، كان هدفه الأسمى في خلالها هو الوعظ، أي التبشير بكلمة الله. فالأب بولس لم يكُن يرى شيئًا إلّا من خلال هذا المنظار، أي الكلمة التي كانت تجتاح تفكيره، حتّى انتقلَ من السائر عبر الكلمة إلى الثائر من خلالها».

ويُخبِر: «في السبعينيّات، طُلِبَ من الشاعر يوسف الخال الذي كان في جمعيّة الكتاب المقدّس، ترجمة الكتاب المقدّس، فجاء إلى الإكليريكيّة حيث كان الأب بولس الفغالي، ليطلب المساعدة، وقال له المطران بشارة يوسف الذي كان وقتها ما زال كاهنًا مسؤولًا عن الإكليريكيّة: "بهدف خدمتك في شكل أفضل، سأطلب منك الانتظار، إلى أن يرجع من الخارج الكاهن بولس الفغالي الذي يتخصّص في الكتاب المقدّس"».

ويُكمِل: «لمّا عاد الأب بولس، تعاون مع الخال في ترجمة الكتاب المقدّس. وهكذا انطلق في الكتابة، مؤكّدًا أهمّية الكتابة والتعليم والوعظ. واهتمّ بالتنشئة الثقافيّة، وكان أيضًا مسؤولًا عن كلّ ما يتعلّق بالدرس واللاهوت في الإكليريكيّة، وبعدها أصبح يكتب أكثر من فعل أيّ شيء آخر».

ويؤكّد: «الأب بولس الفغالي أغنى المكتبة العربيّة والمسيحيّة بكتبه التي باتت من أهمّ المراجع الدينيّة، إلى أن أصبح هو نفسه المرجع. ومن أهمّ أعماله، ترجمة العهد القديم كلّه، وإعداد الحواشي المستفيضة للعهد الجديد والعهد القديم. كان الدكتور والمونسنيور والعلّامة، إلّا أنّ اللقب الأحبّ إلى قلبه كان "الأب بولس"».

ويختم فغالي: «مِن أجمل ما كان يُردِّده الأب بولس الفغالي عبارة "خلّي حنفيّتك على النبع"، وهو يقصد هنا أنّه يجب على الإنسان أن يقرأ باستمرار، لكي لا يجفّ ويُصبح فارغًا لا يملك شيئًا».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته