ما الذي لا نعرفه عن أسرار عذراء فاطيما؟ القصة كاملة

سيدة فاطيما سيدة فاطيما | Provided by: Ricardo Perna / Shutterstock.

شاهد أطفالٌ رُعاة من فاطيما في عام 1916م ملاك السلام، والذي كانت مهمّته تهيئتهم لمجيء السيدة العذراء. وقد شرح لهم باستخدام الأمثلة كيفيّة الصلاة، والتبجيل الذي يجب عليهم إظهاره نحو الرب في صلاتهم. مُشجعهم على الصلاة، وقد قدّم نفسه كملاك البرتغال الحارس، وأعطاهم الملاك القربان المقدّس، وشرح لهم كيفيّة تناول جسد المسيح في القربان المقدّس: ركع الأطفال الثلاثة للتناول؛ فأُعطيَت لوسي خبز القربان المقدّس على اللسان وشارك الملاك دم المسيح وهو خمرة كأس القربان بين فرانسيسكو وجاسِنتا.

الظهور الأول:

13 مايو 1917 ظهرت القديسة العذراء لأول مرة في فاطيما. وقد كان الأطفال حينها يلهون ويبنون جداراً صغيراً حينما رأوا فجأة وميضاً من الضوء. فظنّوا أن هناك عاصفة آتية فقاموا بجمع قطيع الخراف ليأخذوه إلى البيت. ثم رأوا مرة أخرى وميضاً من الضوء وبعد ذلك بوقت قصير، شاهدوا فوق شجرة السنديان سيدة مرتدية ثوباً أبيض وتشع وهجاً أكثر من الشمس. وكانوا بالقرب منها لدرجة أن الضوء قد أحاط بهم. وقالت السيدة الجميلة: "لا تخافوا، لن أؤذيكم". فسألتها لوسيّا: "من أين أتيت؟ وما الذي تريدينه منّي؟" فأجابت السيدة العذراء المقدسة: "جئت من السماء، كما أتيت لأطلب منكم الرجوع إلى هنا في اليوم الثالث عشر من الشهور الستة القادمة في مثل هذا الوقت، وعندها سأعلمك من أنا وما أريده. ثم سآتي للمرة السابعة".

ثم سألتهم العذراء "هل ستقدّمون أنفسكم إلى الله لتحملوا الآلام التي سيعطيها لكم من أجل إصلاح الإثم وهداية الخاطئين؟" فأجابوها ببراءة الطفولة وبساطة نبيلة "نحن نريد ذلك". "عندها ستعانون الكثير، لكن نعمة الله ستكون قوّتكم!"، وحينما قالت "نعمة الله" فتحت يديها فخرج منهما شعاع من نور قويّ، دخل إلى صميم أرواحهم. وبهذه الطريقة، أرتهم أنفسهم في الله، الذي هو النور الذي دخلهم. وقالت السيدة العذراء: "صلّوا الورديّة يومياً لإحلال السلام في العالم ولإنهاء الحروب! وعند الانتهاء من صلاتها اتلوا الصلاة التالية: "يا يسوعي، اغفر لنا خطايانا. احفظنا من نار جهنّم وأرشد جميع الأرواح إلى الجنة، خاصةً أولئك الأكثر احتياجاً إلى رحمتك". ثم تحرّكت العذراء ببطء مبتعدةً نحو الشرق.

الظهور الثاني:

يوم 13 يوليو 1917 تجمع الشعب وعددهم 70 ألفاً في مرعى الخراف الذي غمرته مياه الأمطار، وحدثت معجزة كبرى، فتحولت الشمس إلى كرة من النار. ظهرت وكأنها تغوص في الأرض، فأصيب الناس بالفزع وظن الكثيرون أنه نهاية الأزمنة. وبعد 12 دقيقة عادت الشمس إلى وضعها الطبيعي وتبخرت مياه الأمطار، وجفت ثياب الشعب، وكانت هذه الظاهرة الشمسية علامة لها عظمتها فقد أيدت جدية الرسائل التي تنبأت بها العذراء مريم في ظهورها السابق، وقد طلبت العذراء من الأطفال أن يصلّوا المسبحة يومياً. ووعدت بأخذ جاسِنتا وفرانسيسكو إلى السماء قريباً. أما لوسيّا فسلّمتها مهمّة البقاء في هذا العالم لإقامة الصلاة وتكريس نفسها لقلب مريم النقي. وقد قالت واعدةً إيّاها: "سيكون قلبي النقي ملجأك والطريق الذي سيقودك إلى الله". وفي تلك المناسبة منحت السيدة العذراء الأطفال رؤية أخرى لله كاشفةً عن قلبها النقي الذي أحاطت به الأشواك التي تعبّر عن الانتهاكات والإهانات التي أحدثتها أخطاء الإنسانية، والبحث عن الإصلاح والتكفير لهم.

الظهور الثالث

13 يوليو 1917، يعتبر هذا الظهور الأكثر إثارةً للجدل من حيث الرسالة الموجّهة لفاطيما، فقد قدّمت خلاله العذراء سراً من ثلاثة أجزاء صانه الأطفال بحرارة.

دار الجزأين الأولين عن رؤية لجهنّم ونبوءة الدور المستقبليّ لروسيا وكيفية الاتّقاء منه والذي لا يجب أن يُكشف عنه إلى أن تكتبه الأخت لوسيّا في مذكّرتها الثالثة بطلب من المطران في 1941. والجزء الثالث الذي يسمّى عادةً بالسر الثالث، قد نُقل إلى المطران الذي قام بدوره بإرساله دون الاطّلاع عليه إلى البابا بيّوس الثاني عشر.

رؤية جهنم في فاطيما

كشفت لوسيّا بعد ذلك أن العذراء مريم وهي تروي كلماتها تلك، فتحت يديها وانطلق نورٌ منهما بدا وكأنه يتخلل الأرض وبذلك رأوا مشهداً مريعاً لجهنّم، مليئة بالشياطين والأرواح الضائعة وسط رعب لا يوصف. وقد كانت تلك الرؤية المشهد الأول من "سرّ" فاطيما، ولم يكشف عنه إلا بعد مرور بعض الوقت. نظر الأطفال عالياً إلى وجه العذراء المقدسة الحزين وهي تتحدث إليهم بلطف: "لقد رأيتم الجحيم حيث تذهب أرواح الخطأة المساكين. لتحفظوهم، يريد الله أن تعم صلاة قلبي النقي على العالم وتزداد. إن قام الناس بعمل ما أخبرهم به، سينجو الكثيرون وسيعم السلام، وستنتهي الحروب إن توقّف الناس عن تجديف الله. وإن لم يفعلوا ذلك، فخلال تولي الأسقف بيّوس الحادي عشر ستندلع حرب مريعة. وإذا رأيتم في ليلة ضوءاً غير معروف، اعلموا أنها إشارة من الله، سيعطيها ليُعلمكم أنه سيقوم بمعاقبة العالم على أخطائهم. وسيتم ذلك بالحرب، والمجاعة، واضطهاد الكنيسة والآب المُقدّس. وللاتقاء من ذلك، أطلب من روسيا أن تكرّس نفسها لقلبي النقي. وأن يتنولوا القربان المقدّس كل يوم سبت من بداية الشهر كإصلاح وتكفير عن خطاياهم. وإن فعل الناس كما أطلب والتفتوا إلى كلماتي، فسينقلب الحال في روسيا وسيعمّ السلام. وإن لم يقوموا بذلك، فستنشر روسيا تعاليمها المزيّفة حول العالم، وستصبح الحرب واضطهاد الكنيسة أمراً محتماً. وسيستشهد الصالح؛ وسيعاني الآب القدوس الكثير؛ وستباد أوطان كثيرة. لكن في النهاية سينتصر قلبي النقي. وسيخصّص الآب المقدّس روسيا لي وستتحوّل وسيوهب السلام إلى الإنسانية. أمّا في البرتغال فسيبقى الناس مخلصين. ولا تقولي ذلك إلى أي أحد غير فرانسيسكو. وعندما تقومين بصلاة الوردية، قولي بعد كل بيت: "يا يسوعي، اغفر لنا خطايانا، ونجّنا من نار الجحيم، وخذ أرواحنا إلى الجنة، خاصة هؤلاء الذين هم بحاجة ماسة إلى رحمتك". ثم سألت لوسي: "هل تريدينني أن أقوم بأي شيء آخر؟" "لا أرغب بشيء آخر منك اليوم" ثم ابتعدت ببطء نحو الشرق، واختفت في السماء على مسافة بعيدة.

الظهور الرابع:

13 أغسطس 1917، كان الأطفال حُبَساء في أوريم، والتي تبعد بضعة كيلومترات من فاطيما. حاولت جاسِنتا تقديم كل ما باستطاعتها لهداية الخطأة. والجدير بالذكر أنه في المرات التي كانت تظهر بها العذراء المقدسة وتذهب كان هناك عشرون ألف شخص في فاطيما يرون ويسمعون صوت رعدٍ ووميضاً متألّقاً من النور في السماء الزرقاء الصافية. وبعدها يبهت لون الشمس ويتحوّل الجو العام إلى الغائم، مع لون أصفر شاحب، بينما تظهر سحابة مضيئة بشكلها الرائع وترفرف فوق شجرة السنديان، مكان حدوث الظهورات.  ثم ظهرت السيدة العذراء في فاطيما للأطفال في قرية صغيرة بالقرب من فاطيما تسمى فالينوس. ومرة أخرى ظهرت فوق شجرة سنديان. وقالت لوسي: "ما الذي تتمنّينه منّي؟" فأجابتها السيدة العذراء: "أرغب منك المجيء إلى كوفا دا إريا في الثالث عشر من الشهر القادم وإكمال صلاتك للوردية، وسأصنع معجزة في الظهور الأخير، وبذلك يؤمن جميع الناس". وعندما طلبت لوسيّا من العذراء شفاء بعض الناس السقماء. أجابتها السيدة العذراء: "خلال السنة القادمة سأشفي البعض. صلّوا! صلّوا! كثيراً واجلبوا قرباناً للخطأة، حيث أن العديد من الأرواح ستذهب إلى الجحيم لأن لا أحد يقدّم نفسه لها أو يصلي لأجلها. صلّوا!" ثم ارتفعت العذراء مبتعدةً نحو الشرق.

الظهور الخامس: 13

 سبتمبر1917، وقالت السيدة العذراء: "إن الله مسرور من صلواتك، لكنه يريدك أن ترتدي أحزمة الكفّارة فقط في الليل". وقام الأطفال بصنع هذه الأحزمة بأنفسهم.

الظهور السادس:

13أكتوبر عام 1917، ظهرت العذراء للمرة السادسة والأخيرة على الأطفال. وحضر في تلك الأمسية أكثر من سبعين ألف شخص إلى فاطيما. ولم يستطع أحداً رؤيتها سوى الأطفال وصرّحت بأنها مريم المقدّسة. وأعلنت للأطفال عن الأسرار الثلاثة وظهورها التالي. فجأة، توقّفت الأمطار وانقشع الغيم ليكشف عن الشمس. وبدأت الشمس تدور وكأنها ستقع! وقد صرح بذلك شهود عيان في وقت لاحق. واعتقد الناس بأن نهاية العالم قد حانت إلا أن الشمس قد اتخذت موقعها الطبيعي في السماء.

المزيد

الظهور الأخير في 6 يونيو عام 1929م

بوركت جاسنتا خلال مرضها بظهورات عديدة من القديسة مريم كما حدث مع لوسي أيضاً بالرغم من عدم معرفتنا كيف حدث ذلك نظراً لعدم إفصاح لوسي عن ذلك للجميع. لقد قالت ما طلبت منها السيدة العذراء قوله فقط. وخلال الثلاث سنوات التي كانت تعترف فيها للأب غونكلاف، تعرّفوا فيها على بعضهم البعض جيداً. وقد قالت لها السيدة العذراء أن الوقت قد حان للكنيسة لتُكرّس روسيا نفسها للعذراء وتعلن الوعد بعودتها إلى الرب. وقد طلب كاهن الاعتراف من لوسيّا أن تكتب أمنيات سيدتنا العذراء.

فكتبت: في إحدى الليالي كنت راكعة لوحدي أصلّي في الكنيسة صلاة الملائكة. وكنت أحس حينها بالتعب فأكملت الصلاة ويدي ممدّدتين. وكان مصباح الكنيسة هو مصدر النور الوحيد. وفجأةً ملأ الكنيسة بأكملها ضوء طبيعيّ قويّ، وظهر صليب من نور امتد ليصل إلى حافة المذبح. وشاهدت في الجزء العلوي منه وجه شخص والجذع العلويّ من جسده. وأمام صدره كان هناك نور لطيف وجسد إنسان أخر مسمّر على الصليب. وأسفل خصره تدلّي كأس القربان وكان فوقه قربانه كبيرة تتساقط منها قطرات دماء مصدرها من وجه المصلوب وبعض قطرات دماء من الجرح في صدره. هذه القطرات تدحرجت من خبز القربان إلى كأس القربان. وتحت اليد اليمنى من الصليب وقفت سيدة فاطيما حاملةً بيدها اليسرى قلبها النقي وكان خالياً من السيف أو الأزهار لكن لم يخلُ من تاج الشوك واللهب. وتحت اليد اليسرى للصليب، ظهرت بعض الأحرف الكبيرة وكأنها ماء صافية بلّوريّة تدفّقت نحو المذبح مكوّنةً الكلمات التالية: "الرحمة والمحبّة"

أما عن السر الذي أبلغته لوتشيا للفاتيكان سنة 1940، قد أوحي به في 13 أكتوبر 1917، في كوفا ايريا – فاطيما. نص الخطاب الذي به السرّ

إني أكتب طاعةً لك، يا إلهي، يا من تأمرني بواسطة مطران ليريا، وأمّك الكليّة القداسة، وهي أيضاً أمّي.

بعد ما ذكرته، رأينا إلى جانب سيدتنا الأيسر، وقليلاً نحو الأعلى، ملاكاً يحمل بيده اليسرى سيفاً من نار، وكان هذا السيّف يلمع ويرسل شُهُب نار مُعَدّة، على ما يبدو، لتُحرق العالم، ولكنّها كانت تنطفئ لدى ملامستها البهاء الذي كان ينبعث من يد سيّدتنا اليمنى في اتجاه الملاك. والملاك الذي كان يشير بيده اليمنى إلى الأرض، قال بصوت قويّ: توبوا! توبوا! توبوا! ورأينا في نور عظيم، من هو الله: «أشبه بما يُرى فيه الأشخاص أنفسهم في مرآة عندما يمرّون من أمامها»، أسقفاً لابساً ثوباً أبيض، «وقد أحسسنا أنه قداسة البابا». ورأينا أساقفة آخرين عديدين، وكهنة ورهباناً وراهبات صاعدين إلى جبل وعر، وفي قمَّته كان ينتصب صليب كبير من جذعين خشنين وكأن قشرتهما من جذع سنديان ونخيل. فالبابا، قبل أن يصل، جاز في وسط مدينة كبيرة، نصفها مدمّر، وفيما كان يرتجف ويمشي بخطى مترجرجة، وهو مُنهك من الألم والتعب، كان يصلّي من أجل نفوس الجثث التي كان يصادفها على طريقه. ولمّا وصل إلى قمّة الجبل، وسجد على ركبتيه عند أقدام الصليب الكبير، قتله رهط من الجنود أطلقوا عليه عدَّة طلقات من سلاح ناريّ وأسهُم. وبالطريقة عينها مات الواحد بعد الآخر الأساقفة الآخرون والكهنة والرهبان والراهبات وكثيرون علمانيون، رجال ونساء، من مختلف فئات المجتمع. وتحت ذراعي الصليب، كان ملاكان يحملان كل واحد منهما بيده مرشَّة من بلّور، فيها كانا يجمعان دماء الشهداء، ومنها كانا يسقيان النفوس التي كانت تدنو من الله.

 وفي 13 مايو 1981، تعرّض قداسة البابا لإطلاق النار في ساحة القديس بطرس وأصيب برصاص شخص تركي مأجور بينما كان يميل لتحية الجماهير، وقد أكد الحبر الأعظم مراراً إن عذراء فاطيما هي التي أبعدت الرصاصات بيدها، ووضعت الرصاصة التي أخرجت من بطنه في التاج الذي يعلو هامة تمثال السيدة العذراء التي ظهرت في فاطيما في يوم 13 مايو أيضا، وأرسل رداءه الأبيض الملطخ بالدم إلى دير المريميات البولونيات في تزستوكوفا، وبعد فترة طويلة من الإصابة بالرصاص التقى البابا بالتركي محمد علي أغا الذي أطلق عليه الرصاص، وأبلغه أنه صفح عنه طبقا لتعاليم السيد المسيح.

(تستمر القصة أدناه)

أُصيب فرانسيسكو وجاسِنتا بالحمى الإسبانية. وتوفّي فرانسيسكو في الرابع من شهر أبريل من عام 1919 في فاطيما عن عمر يناهز العاشرة، بينما توفيت جاسِنتا في العشرين من فبراير من عام 1920 عن عمر يناهز التاسعة.

أما الأخت لوسيا دوس سانتوس، آخر الأطفال الثلاثة. فقد تُوفّيت في الثالث عشر من فبراير من عام 2005 عن عمر يناهز السابعة والتسعين.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته