في خلال سنوات حبريّته، عُرِف البابا فرنسيس باهتمامه بـ«الأقطار المنسيّة» من الكرة الأرضيّة، إذ سلّط الضوء في رحلاته ومواقفه على المناطق المهمّشة منها. ومن همومه العالميّة، تضامنَ مع لبنان بشكل عميق.
كثرت صلوات الحبر الأعظم ونداءاته ومبادراته الرعويّة تجاه بلاد الأرز. ورغم رغبته في زيارة لبنان، لم يتمكّن من ذلك في خلال حبريّته. وبعد رحيله، نستذكر تردّد صدى محبّته في بيروت والمناطق اللبنانيّة.
البابا فرنسيس يحمل علم لبنان في خلال المقابلة العامّة الأسبوعيّة يوم 2 سبتمبر/أيلول 2020. مصدر الصورة: فاتيكان ميديا
انفجار المرفأ ونُبْل الرجاء
بعد الانفجار المروّع الذي ضرب مرفأ بيروت عام 2020 وأدى إلى مقتل مئات الأشخاص وإصابة الآلاف وتضرّر مساحات واسعة من العاصمة اللبنانيّة، وجّه فرنسيس نداءً عاجلًا للصلاة على نية لبنان. وفي خطوة تضامنيّة مع الشعب اللبناني والكنيسة المحلّية، تبرّع بمبلغ 250 ألف لمساعدة المتضرّرين.
بعد ذلك بشهر، دعا البابا إلى يوم عالمي للصلاة والصوم تضامنًا مع بلاد الأرز، وحمل العلم اللبناني في الفاتيكان، دلالة على محبّته للشعب ووقوفه إلى جانبه في هذه المحنة. وعلى امتداد السنوات التالية، واظب على الدعوة إلى تحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين عن هذه المأساة، خصوصًا في الذكرى السنوية للانفجار. وعام 2022، شدّد على أهمّية التمسّك بالحقّ والعدل قائلًا: «أصلّي أن يجد الجميع العزاء في الإيمان وأن يستمدّوا الراحة من العدالة والحقيقة اللتَيْن لا يمكن إخفاؤهما أبدًا».
استمرّت مساعي البابا بعدها للتخفيف من آلام الضحايا وعائلاتهم. فالتقى عام 2024 بعض أُسَر الشهداء والمصابين في الانفجار، وخاطبهم بكلمات تحمل معاني الرجاء والصمود. وقال: «فيكم أرى كرامة الإيمان ونبل الرجاء، تمامًا مثل كرامة شجرة الأرز ونبلها؛ فالأرز يدعونا إلى رفع أنظارنا إلى العلاء، نحو السماء، نحو الله وهو رجاؤنا، رجاء لا يخيّب أبدًا!».
البابا فرنسيس مترئسًا «يوم التأمّل والصلاة من أجل لبنان» في 1 يوليو/تموز 2021. مصدر الصورة: فاتيكان ميديا
فرنسيس وحرب لبنان
في خلال الحرب الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل، لم يقف البابا فرنسيس مكتوف اليدَيْن. فدعا في خلال تلاوته صلاة التبشير الملائكي ومقابلاته العامّة الأسبوعيّة والصحافيّة، إلى الصلاة ووقف إطلاق النار، والبحث عن حلول سلمية.
وندّد بالضربات الجويّة الإسرائيليّة على لبنان، مشدّدًا على ضرورة التزام الجانب الأخلاقي في العمليات العسكريّة. وعبّر عن قلقه بشأن المدنيين المتأثّرين بالنزاع. وفي إحدى مقابلاته العامّة، قال فرنسيس: «أنا حزين بسبب الأخبار الواردة من لبنان، حيث تسبّبت الغارات الكثيفة في الأيّام الأخيرة في سقوط كثيرين من الضحايا وخلّفت الدمار». وطالب المجتمع الدولي ببذل الجهود لوقف العنف.