أحد توما من الشك إلى اليقين

مار توما مار توما | Provide by Saints of the Universal Church Page / ACI MENA
مار توما. Provide by Saints of the Universal Church Page / ACI MENA
مار توما. Provide by Saints of the Universal Church Page / ACI MENA

أَمَّا تُومَا أَحَدُ الاِثْنَيْ عَشَرَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ التَّوْأَمُ فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ حِينَ جَاءَ يَسُوعُ. فَقَالَ لَهُ التّلاَمِيذُ الآخَرُونَ: «قَدْ رَأَيْنَا الرَّبَّ». فَقَالَ لَهُمْ: «إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ لاَ أُومِنْ». وَبَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ كَانَ تلاَمِيذُهُ أَيْضاً دَاخِلاً وَتُومَا مَعَهُمْ. فَجَاءَ يَسُوعُ وَالأَبْوَابُ مُغَلَّقَةٌ وَوَقَفَ فِي الْوَسَطِ وَقَالَ: «سلاَمٌ لَكُمْ» ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: «هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِناً». أَجَابَ تُومَا: «رَبِّي وَإِلَهِي». قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا». وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هَذَا الْكِتَابِ. وَأَمَّا هَذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ. (يوحنا ١٩:٢٠-٣١)

أحد توما أو الأحد الجديد

تقيم الكنيسة المصرية في الأحد الأول بعد الفصح تذكار أحد تلاميذ المسيح الاثني عشر وهو القديس الرَّسول توما. أظهر المخلَّص ذاته للتلاميذ من بعد قيامته ولكنَّ الرَّسول توما لم يكن بينهم حينئذٍ (لوقا 24: 36-49، يوحنا 20: 19-25، مرقس 16: 14-18). كان الرُّسل قد قالوا له: "لقد رأينا الرَّبَّ" ولكنَّ توما لم يشأ أن يصدِّقهم حتَّى يراه بنفسه وحتَّى يلمُس جراحه (إن لم أعاين في يديه أثر المسامير وأضع يدي في جنبه لا أؤمن).

بعد ذلك بثمانية أيام (أي الأحد التالي لأحد الفصح / القيامة) كان الرسل مجتمعين مجدداً وكان معهم توما أيضاً (يوحنا 20: 26-31). ظهر الرب لهم مجدداً وقال لتوما: "هاتِ إصبعك إلى ههنا وانظر يديّ وهاتِ يدك وضعها في جنبي ولا تكن غير مؤمنٍ بل مؤمناً. أآمنتَ لأنَّكَ رأَيتَني؟ أقول لكَ طوبى لمَن آمنوا بدون أن يروا". نظر توما بخوفٍ وورعٍ إلى جراح المخلِّص ولمس جنبه المعطي الحياة وبعد ذلك قال له: "ربِّي وإلهي!" (يوحنا 20: 24-29).

وبدًا من هذا الحدث وتحتفل الكنيسة في هذا اليوم بأخر عيد من الأعياد السيديـة الصغـرى السبعة، ألا وهو الأحد الجديد أو أحد توما. ويسمى الأحد الجديد لأنه أول أحد حُفظ لتقديس أيام الأحد. ويسمى أحد توما لأن السيد المسيح ظهر فيه للتلاميذ ومعهم تومـا في اليوم الثامن من قيامته. والاحتفال به هو تعليم للديسـقولية (قوانيـن الرسـل) التي ورد فيها:

"وبعد ثمانية أيام فليكن لكم عيد، لأن في هذا اليوم الثامن أرضاني الرب، أنا توما، إذ لم أؤمن بقيامته وأراني أثار المسامير وأثر الحربة في جنبه"

ويعتبر طلب توما وإصراره ليس شكّاً بالقيامة بقدر ما هو مسيرة نحو اليقين المبني على الإيمان والعقل معًا، وذلك من خلال إصراره على الرّؤية واللّمس. (أبصر في يديه أثر المسامير، وأضع إصبعي في أثر المسامير، وأضع يديّ في جنبه). وقد يُعبّر هذا الطّلب عن ترسيخ الإيمان في توما كما في الآخرين الّذين سيبشرهم. ويُشير هذا الحدث للمحبة الإلهية للإنسان الضّعيف والنّاقص وغير المدرك. ونرى يسوع لا يتردد في إظهار تلك المحبة في تلبية طلب توما، لأنه يريد للجميع أن يبلغوا الحقيقة (ولا تكن غير مؤمن بل مؤمناً).

ظهر الرب في اليوم الثامن من قيامته خصيصاً لتوما، وأعطاه كل ما ألحَّ عليه حتى يكتمل إيمانه ويكتمل إيمان الرسل جميعاً الذين ستوضع عليهم مسئولية الكرازة. بهذا الإيمان الرّاسخ قام توما يُبشّر بالإنجيل في اليهوديّة، نظير الرّسل.

سيرة حياة توما الرسول

فمعنى أسم توما: اسم آرامي معناه "توأم". ولد القديس توما الرسول في إقليم الجليل واختاره مخلصنا من جملة الإثنى عشر رسولا (مت 10: 3). وهو الذي قال للتلاميذ عندما أراد المخلص أن يمضي ليقيم لعازر " لنذهب نحن أيضا لكي نموت معه (يو 11: 16) وهو الذي سأل الرب يسوع وقت العشاء قائلا " يا سيد لسنا نعلم أين الطريق والحق والحياة " (يو 14 : 5 و 6)

وبعد حلول الروح القدس على التلاميذ في علية صهيون وتفرقهم في جهات المسكونة ليكرزوا ببشارة الإنجيل انطلق هذا الرسول أولًا في اليهودية ثم جال مبشرًا في بلاد ما بين النهرين (العراق)، ثم مرورًا على بلاد العرب واجتاز البحر إلى بلاد الحبشة وكرز في بلاد الهند والصين وقد قضي الوقت الأكبر من حياته الكرازية في الهند ومازال توما الرسول حتى الآن هو شفيع المسيحيين الهنود، وفي الهند اشتغل كعبد عند أحد أصدقاء الملك ويدعي لوقيوس الذي أخذه إلى الملك فاستعلم منه عن صناعته فقال: أنا بناء ونجار وطبيب وبعد أيام وهو في القصر صار يبشر من فيه حتى آمنت امرأة لوقيوس وجماعة من أهل بيته. ثم سأله الملك عن الصناعات التي قام بها فأجابه: " إن القصور التي بنيتها هي النفوس التي صارت محلا لملك المجد، والنجارة التي قمت بها هي الأناجيل التي تقطع أشواك الخطية، والطب والأدوية هي أسرار الله المقدسة تشفي من سموم عدو الخير".

 فغضب الملك من ذلك وعذبه كثيرًا وربطه بين أربعة أوتاد وسلخ جلده ودلكها بملح وجير والرسول صابر ورأت ذلك امرأة لوقيوس، فسقطت من كوي بيتها وأسلمت روحها وأما توما فقد شفاه الرب من جراحاته فأتاه لوقيوس وهو حزين علي زوجته وقال له: "إن أقمت زوجتي آمنت بإلهك" فدخل إليها توما الرسول وقال: "يا أرسابونا قومي باسم السيد المسيح" فنهضت لوقتها. فلما رأي زوجها ذلك آمن ومعه كثيرون من أهل المدينة بالسيد المسيح فعمدهم الرسول.

وجرف أيضا البحر شجرة كبيرة لم يستطع أحد رفعها فاستأذن القديس توما الملك في رفعها. والسماح له ببناء كنيسة من خشبها فسمح له فرسم عليها الرسول علامة الصليب ورفعها وبعد أن بني الكنيسة رسم لها أسقفا وكهنة وثبتهم ثم تركهم ومضى

استشهاد الرسول توما

ثم مضي إلى مدينة قنطورة فوجد بها شيخا يبكي بحرارة لان الملك قتل أولاده الستة. فصلي عليهم القديس فأقامهم الرب بصلاته فصعب هذا على كهنة الأصنام وأرادوا رجمه فرفع علامة الصليب فعادت صحيحة فآمنوا جميعهم بالرب يسوع. ثم مضي إلى مدينة بركيناس وغيرها. ونادي فيها باسم السيد المسيح فسمع به الملك فأودعه السجن ولما وجده يعلم المحبوسين طريق الله أخرجه وعذبه بمختلف أنواع العذاب وأخيرا قطع رأسه فنال إكليل الشهادة عام 57 م ودفن في مليبار ثم نقل جسده إلى الرها. وتعيد له الكنيسة يوم 3 يوليو من كل عام.

ختامًا

المزيد

وبعد التعرف على سيرة حياة القديس توما الرسول من خلال رحلاته التبشيرية، ومعرفة شخصيته من خلال بعض الشواهد الانجيلية نجد أن طلب توما برؤية المسيح بعينة ولمسة بيده ليس بشك ولكن كانت بمثابة مسيرة على مستوى الايمان العقلي أي الإيمان ذات اليقين الملموس وغير الملموس، فكل عام وبعد ثمانية أيام من القيامة تُذكرنا الليتورجيا في أحد توما أن قيامة المسيح ليس فقط إعجازية لا تُدرك بالعقل ولكن أيضًا نستطيع أن نراها بوقائع ملموسة مثل توما، وذلك من خلال ظهور الرب يسوع للتلاميذ مجتمعين، ثم الظهور لتوما أيضا مع التلاميذ مرة أخرى، ولمسه ورؤيته لأثار المسامير والجروح وضع يده في جرح الحربة، فينقلنا توما لمستوى من الإيمان ليس فقط غير مرئي ولكنه أيضًا مرئ وملموس، كذلك إيمان مبني على محبة باذلة ومُضحية لما فعله المسيح مع توما في أن يظهر مرة أخرى من محبته له لكي يكون مؤمنا مبشرًا رسولا للمسكونة.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته