تداعيات قتل مسؤول حزبيّ راسخة في النفوس... مسيحيّو لبنان بين الإحباط والرجاء

صلبان ترتفع في بلدة بشرّي المسيحيّة، شماليّ لبنان صلبان ترتفع في بلدة بشرّي المسيحيّة، شماليّ لبنان | مصدر الصورة: بلديّة بشرّي

على الرغم من مرور أكثر من شهر على الحادثة، لا تزال تداعيات قتل مسؤول في حزب القوات اللبنانية المسيحي حاضرةً في النفوس، وإن هدأ الوضع ميدانيًّا وسياسيًّا. ففي خضم الفوضى السياسيّة التي تعصف بالبلاد، تركت وفاة باسكال سليمان جرحًا عميقًا في أرواح اللبنانيين المسيحيين وأسئلة عدّة في أذهانهم. أسئلة تحضر اليوم مجدّدًا في خلال صلاة جنّاز الأربعين لراحة نفسه.

اختُطِف سليمان في إحدى بلدات قضاء جبيل (جبل لبنان)، ووُجدت جثّته في سوريا. وفيما اتّخذت القضية في بادئ الأمر منحى «الاغتيال السياسي»، أشارت تحقيقات الجيش اللبناني إلى تورط نازحين سوريين في العملية بهدف السرقة.

عن أثَر هذه الجريمة على الشارع المسيحي اللبناني، تحدّث إيلي إلياس، محاضر في التاريخ ومدير مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والبحثية، عبر «آسي مينا». وأكّد إلياس أنّ هذه الحادثة ليست جديدة على الجو المسيحي في لبنان.

وأضاف: «إنّ تولّي المسؤوليات الحزبية أو السياسية في المجتمع المسيحي اللبناني يعني ضرورة الاعتراف بالأخطار المحتملة. وينبغي للقائمين على هذه المناصب أن يأخذوا في الاعتبار دائمًا إمكانيّة تعرّضهم للاغتيال أو لأشكال العنف والضغوط الاجتماعية والاقتصادية».

وذكر أنّ كثيرين اعتبروا أنّ قتل سليمان كان بسبب منصبه الحزبي. وعن دور وسائل الإعلام في تشكيل الإدراك العامّ حول هذا النوع من العنف، أشار إلياس إلى أنّ «تلاعب وسائل الإعلام بالروايات السياسية وارتباطها بالأجهزة الأمنية والشخصيّات السياسية، يؤثّران على تغطيتها وتحليلاتها، خصوصًا تلك المتعلقة بالعنف ضدّ الشخصيات السياسية المسيحية». وأكّد أنّ حوادث مماثلة تعزّز عصب المسيحيين لا خوفهم.

بدوره، تحدّث الأب داني درغام خادم رعية سيدة العطايا-الأشرفية، إلى «آسي مينا» عن وقع الحادثة على الوجدان المسيحي. وكان قد نشر صورة للبطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي باكيًا في خلال ترؤسه جنازة باسكال وغرّد: «... بكى لبنان».

قال درغام: «بعد الحادثة لمسنا كلّنا إحباطًا عند الجماعة المسيحية». وشرح أنّ المسيحيين تعرضوا لأزمات عدّة في السنوات الماضية «سواء بسبب انفجار مرفأ بيروت، أم الأزمة الاقتصادية أم الاغتيالات المتفرقة في مناطقهم. وفي الوقت نفسه، نرى أنّ الأمور تمرّ بشكل عادي ونكمل». وأردف: «ليست هناك وحدة صف أو حالة طوارئ يقودها المسيحيون معًا وتشمل خطة مستقبلية مشتركة يُجمعون عليها».

واعتبر درغام أنّ «جميع الأحزاب اليوم تتغنّى بمشاريع سابقة باهتة لم تنفع في التركيبة الديموغرافية الحالية ولا في المستجدات التي حدثت على مستوى المنطقة». وأضاف: «خطاب الكنيسة خطاب تقليدي يساير ردود الفعل بدلًا من أن يكون فاعلًا. اليوم نرى أنّ الكنيسة تتأثر بما يحصل وتنقاد للظروف عوض أن تقود هي الظروف. والشقّ الأخطر الذي يواجهه المسيحيون اليوم هو ضياع هويتهم وغياب أيّ خطة استراتيجية». وختم الأب داني محذّرًا من الذين يتحدّثون باسم المسيحيين، ولكنّهم لا يعرفون المسيح.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته