فصل جديد في كتاب آلام مسيحيّي غزّة... رحلة لارا الصايغ الأخيرة

لارا الصايغ لارا الصايغ | مصدر الصورة: فادي الصايغ

وسط أزمات غزّة، تتجدد معاناة المسيحيين الذين يواجهون تحديات الحرب. فيقف وجودهم في القطاع على حافة الاندثار، بسبب الهجرة والنزوح، ما ينذر بمحوه من البنية الديموغرافية والثقافية للمنطقة. ومن القصص المحزنة في حرب غزّة، وفاة شابة كاثوليكية.

لارا الصايغ غزّاويّة تبلغ من العمر 19 عامًا، ودّعت الحياة في خلال مسيرها بصحبة والدتها من شمال القطاع إلى جنوبه بهدف النجاة من الحرب، والعبور إلى مصر بحثًا عن ملاذ آمن وواقع أفضل. فقد أسدَل إعياء شديد وضربة شمس قاتلة وشحّ الماء الستار على أحلامها في منتصف الطريق. وكان والدها قد توفي، في خلال الحرب أيضًا في كنيسة العائلة المقدسة للاتين-غزّة، بسبب نقص الرعاية الطبية الملائمة له.

شقيق الفقيدة يُخبر التفاصيل

في مقابلة خاصة مع «آسي مينا»، شارك فادي، شقيق لارا المقيم في مصر منذ بداية هذا العام، تجربته الشخصية والألم الذي شعر به بعد تلقيه الخبر المفجع، والظروف المحيطة بوفاتها. فقال: «في لحظة لم تكن بالحسبان، وصلني خبر مفجع عبر الأب يوسف أسعد، راعي كنيسة العائلة المقدسة للاتين في غزّة. تلقّيت منه رسالة تعزية، فاستفسرت: "تعزية بمن؟" وكان الجواب، "إنّها لارا، شقيقتك"».

أخبر فادي: «لم أصدّق… كيف يمكنني أن أصدّق؟ سألت خليل أخي، على أمل أن يكون الخبر غير صحيح. لكنّ الحقيقة كانت لا ترحم». وزاد: «كانت لارا هنا بيننا، بالأمس. نتحدّث، ونخطط لمستقبل واعد. وكنت أنتظرها على الجانب المصري، كلّ شيء كان قريبًا، وفجأة… ضاع كل شيء، كأنّه لم يكن أبدًا!». وتابع: «كانت لدينا آمال الالتحاق بالجامعة معًا، إذ كانت لارا تطمح لدراسة الصحافة والإعلام، لتحكي قصصًا غير مرويّة بعد».

سَقَطَت في منتصف الطريق

بناءً على ما أفادت به الأمّ، أوضح شقيق لارا أنّ يوم الثلاثاء 23 نيسان/أبريل، أُدرج اسما الأم وابنتها في لائحة من يُسمح لهم بالعبور إلى مصر. فقرّرتا التوجّه في اليوم التالي إلى «ممرّ نتساريم»، الفاصل شمال غزة عن جنوبها والخاضع في الوقت الحالي للسيطرة الإسرائيلية.

وأضاف فادي: «نُقلتا بالسيارة إلى نقطة محددة في الجنوب. ومن هناك، كان عليهما السير لاستكمال الطريق نحو معبر رفح». وأردف: «كانت لارا تسير بنشاط وخطى سريعة، لكنّها فجأة تعثّرت وانهارت واقعةً على الأرض. حاول بعض الأشخاص إنعاشها، معتقدين أنّه قد أغمي عليها بسبب الحرارة الشديدة. ولكنّ الواقع الأليم كان أنّ لارا قد توفيت».

وتعرّضت أمّها المفجوعة للإغماء أيضًا، وهي الآن في طور التعافي. ودُفنت لارا في جنوب غزة، في مكان بعيد عن كنيستها، ولم تُقم لها صلاة الجنازة بعد.

وجّه فادي اللوم إلى بعض وسائل الإعلام العربية التي تتجاهل الأقلية العددية المسيحية والظروف التي تعانيها، بما في ذلك القتل وفقدان الممتلكات والتهجير والنزوح. وتمنّى من العالم العمل على تحقيق العدالة والسلام في المنطقة. وطالب الكنائس حول العالم بأن تصلّي من أجل غزّة، وبأن تكون صوتًا للمظلومين وتُسهم في نشر الوعي حول معاناة الأقلية العددية في المنطقة.

تُجسّد قصة لارا واحدة من القصص المؤلمة التي تعكس تناقص أعداد المسيحيين المستمر في غزة. وتُسلّط الضوء على معاناة هذه الأقلية وسط النزاعات والحصار.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته