في مثل هذا اليوم، أسّس الربّ يسوع سرّ القربان، كي تكون ذبيحة جسده ودمه لفداء العالم مستمرّة، وكي تكون وليمة جسده ودمه لحياة كل إنسان مستمرة، لذلك سرّ القربان يحمل ثلاثة أوصاف أساسيّة، التذكار والحضور والانتظار.
هو تذكار لسرّ آلامه وموته، هو تذكار لوليمة جسده ودمه، وتذكار لكلامه القائل: خذوا كلوا هذا هو جسدي، خذوا اشربوا هذا هو دمي يُراق ويبذل من أجلكم لمغفرة الخطايا.
هذا التذكار ليس من الماضي، ولا يقف عند الماضي، لكنه تذكار حضور يتحقّق في كل مرة يحتفل كاهن بالقداس، فتتجدّد ذبيحة الربّ يسوع، وتتجدّد وليمة جسده ودمه. بمعنى آخر، في القداس نحن لسنا أمام مسرحيّة ولا أمام استنساخ، بل نحن أمام المسيح الحاضر الذي يعطي جسده ودمه ذبيحة فداء غير دمويّة، ومن يده، بواسطة الكاهن، يعطينا جسده ودمه لحياتنا.
تذكار وحضور، تذكار وتحقيق، الآن وهنا، وهذا يعني في كل مرة يقيم فيها كاهن الذبيحة أينما كان، تتمّ ذبيحة الفداء ووليمة جسد الربّ ودمه.
تذكار، حضور، وانتظار أن ما تناولناه يتحقّق فينا، العبور إلى حياة جديدة فلا تكون المناولة وكأنها لم تحصل، ولا تكون ذبيحة الفادي كأنها لم تكن. إنما نحن ننتظر بقوّة الروح القدس ثمار ذبيحة المسيح وثمار وليمته فينا. هذا هو السرّ العظيم، سرّ محبّة الله العظمى التي تسمّى "سرّ القربان".
نحتفل بسرّ محبّته العظمى لأنه ترك للكنيسة سرّ الكهنوت، "اصنعوا هذا لذكري". سلّم كهنة العهد الجديد إقامة سرّ القربان، فحيث لا يوجد كاهن لا يوجد قداس أو ذبيحة إلهيّة تتجدّد، حيث لا يوجد كاهن لا وجود لوليمة جسد الربّ ودمه، حيث لا كاهن لا ثمار للروح القدس.