المعاني الروحية لليلة الآلام بحسب الطقس الكلداني

الصليب، مساءا من الساحد المقدسة، لورد-فرنسا الصليب، مساءا من الساحد المقدسة، لورد-فرنسا | Provided by: Bashar Jameel Hanna/ACI MENA

  ترتل الكنيسة في ليتورجيتها وطقوسها ما حصلت عليه من معاني، دروس، احداث وافعال خلاصية، قدمها الله بيسوع المسيح الذي بحريته واجه الموت. ليلة القبض على يسوع، ليست فقط ليلة عسيرة لانه ليلة الموت، ولكنها ايضا محطة انتقال وعبور للانسانية من واقعها المظلم نحو الحياة المستنيرة، حياة الخلاص المسيحي.   
ان الترتيل والتامل في الصلاة هو تعبير يعكس قيمة هذه الليلة الكبيرة
: انها ليلة ابن الله، انها محطة زمنية مشبعة بحضور الابدية.  انها ليلة صلاة، اي انها ليلة الانتماء الى المسيح، انها ليلة الولوج الى حدث المسيح الذي تم في هذه الليلة: نحن نصلي ونذكر محطات هذه الليلة لكي نعيش احداثها ونتائجها. 
انها ليلة الكشف
: في ظلمة الليل تقع احداث مهمة تقول لنا ماذا يريد الله ان يعمله لنا. انها ظلمة تكتنف الفكر الانساني قبل ان تكون ظلمة طبيعية. في هذه الليلة يريد الله ان ينير الفكر البشري ولكن نجد ان هذا الفكر يستخدم وسائل يظنها نورا من اجل ان يخنق نور الله، انها ليلة المفارقات. يسوع بحركاته وكلماته ينير لنا ظلمة الحياة ويمنحنا نورا يكشف محدوديتنا ويشعرنا بضرورة تقبله.
   ليلة يستغلها العدو للتفريق والنهب:
الذئاب تهجم لتمزق القطيع مستغلة ظلمة الليل، والشر يستغل نقص الفكر الانساني ليعيقه. ان هذه الظلمة تستنير، اي ان هذا الخطر يواجهه يسوع كونه الراعي الصالح. افتتاحية صلاة الجلسة الاولى من الطقس الكلداني لهذه الليلة تتوجه
الى يسوع
وتصفه بالراعي الصالح، نعم انه يبذل ذاته من اجل خرافه. هذه التضحية اصبحت سدا منيعا بوجه كل ارادة تهدم معنى انسانيتنا، لانها علامة واقعية تقول لنا: اننا محبوبين من قبل الله، ان امر العناية بنا هو بيد الله، اننا اصبحنا قطيع الله. في هذه الليلة نتذكر ان انتمائنا الى عائلة ابناء الله كان فيها، الليلة قرار انتمائنا اعلن.

ليلة التبرير:

لقد جنى الانسان اللعنة لانه اراد ان يقلب النظام، حيث اراد ان يحل محل الله، انها محاولة تسببت بنتائج كارثية ، وقلبت الواقع راسا على عقب. في هذه الليلة يوجد قلب اخر للامور، ولكن بالاتجاه الصحيح. يسوع في هذه الليلة يغسل ارجل تلاميذه لكي يؤسس مفهوما ومعنى جديد للسلطة. ان فعل يسوع هذا هو تثبيت لفضيلة مهمة جدا الا وهي فضيلة التواضع. ان يصبح الله خادما للانسان فهذا يعطي للانسان فهما لقيمته كانسان ويعيش محدوديته الواثقة بالله الذي اعطاه مكانة مهمة ويوعده بأخرى اكمل: ان هذه الليلة هي ليلة الانتصار على المحدودية البشرية وليلة يفتح بها الطريق الى الابدية.

ليلة يخلط الله بها حياته بحياتنا:

لقد اسس في هذه الليلة سر الافخارستيا، اي تلك الوسيلة التي بها يكون المسيح كله حاضرا لنا، غذاء يقيتنا، وخميرة بها تختمر حياتنا الانسانية لتصبح كلها مأخوذة من قبل الله. هذا جسدي، تعني ان المسيح قد اخذ كل واقعنا ومنه ايضا واقع موتنا، لا لكي يبقى اسيرا له، بل ليحقن به واقعه الالهي، ليحقن في الموت دواء القيامة
في هذه الليلة
طعمنا بساق شجرة الهية حيث بدأت تجري في عروقنا
حياة الله

المزيد

بواسطة الروح القدس.

ليلة الوصية العظمى:

يسوع يوصي تلاميذه بان يحبوا بعضهم بعضا. ان المحبة ليست مجرد عواطف ومشاعر ايجابية تجاه شخص ما، المحبة هي موقف حياتي متكامل والتزام، انه موقف
يعكس موقف الله ذاته
الذي وهب نفسه لاجلنا. ان قيمة موت المسيح تلزم من يؤمن بها ان يلتزم بعلاقة سليمة تجاه الاخرين، بعلاقة محبة اخوية داخل الكنيسة التي تعرف ان تضحي وتموت على صليب الحياة اليومية، لكي تقوم خالصة واصيلة.

ليلة المواقف:

في هذه الليلة توجد مواقف تتصل بنا، نعيشها ونعكسها، نحتاجها لنتوجه بطريقنا عكس ما هو سلبي منها ، ونتحلى بالصحيح منها.

(تستمر القصة أدناه)

يوجد
موقف الخيانة التي اتسم بها يهوذا، انه موقف نكران الدعوة المسيحية. لقد اختارنا الله كل منا حسب دعوة يكونالجواب عليها صادقا اذا ما لبيناها وعشناها حسب منطق من وجهها لنا. ان عيش الدعوة يتطلب ضبطا مستمرا، كما تضبط الساعة لكي تكون دقيقة، كذلك ايضا الدعوة، نحتاج الى التغيير المستمر من اجل فهم دعوتنا وعيشها بصورة افضل. يهوذا حاضر في هذه الليلة، وهو حاضر في كل الليالي الاخرى التي تشبه هذه الليلة، نعم توجد ليالي الصعوبات، توجد ليالي الاغراءات، توجد ليالي الكسل، التكبر، اليأس، انها اوقات مظلمة نحتاج فيها لاعطاء جواب مشرف يستند على ارادة مسيحية خالصة، ارادة لا تضعفها المنافع الانانية او تقضي عليها المخاوف والتهديدات. انه موقف تحذرنا منه صلوات هذه الليلة: موقف الخيانة التي لا تعترف بضعفها.

موقف بطرس:

انه موقف اخر يعكس ارادة ضعيفة اخرى، ارادة ضعفت امام الخوف، ارادة تلميذ يرغب ولكن حسابات اخرى جانبية تبعده وتجعله ان ينكر. انه بطرس الذي امام خادمة نكر انتمائه الى المسيح. يبقى موضوع نكران المسيح واقعا نعيشه عندما لا نستطيع ان نرتب القيم ونضع اهمها في اعلى السلم، عندما يتبلبل نظام حياتنا ونتخبط في عيش خيارات ليست دوما جوهرية على حساب ما هو اساسي. ولكن حدث بطرس هو ثقب يخترقه نور يضيء لنا ظلمة هذه الليلة، يضي لنا ظلمة قراراتنا الضعيفة، يفتح لنا باب الامل عندما تريد الخطيئة ان تنتج فينا اليأس. ان نظرة يسوع تصفها صلواتنا الطقسية بتلك المحبة التي تريد ان تشجع التائب وتعيده الى بر الامان، عندما يسير معه.

انها دعوة الى السهر:

يعتبر السهر ميزة مهمة من مميزات السلوك المسيحي الروحي. ليس السهر فقط امضاء ساعات الليل مستيقظا، ولكنه يعني الانتباه الى ما يحدث. في هذه الليلة يدان السيد كالعبد، والرب يحسب بين الاثمة، لماذا؟. هنا يتطلب الانتباه من خلال مواجهة الذات بصورة جادة، من اجل تحديد واقعها واين هي من هذا الحدث المهم.
السهر يعني
ان نستقبل حدث المسيح بأيمان واعي، وان نعيشه عارفين ضرورته. ان السهر قد يكون ارقا يقض المضاجع، نعم يلزم ارق ايجابي، وقلق مسؤول
تجاه واقعنا اليومي الذي
يعيشه الله ويعيش هو نتائجه، محاكمة يسوع وسوء معاملته ، هي نتائج لاعمال شر تنتهك كرامة الانسان. ان هذه الالام هي الام البشرية التي بحريتها تؤذي نفسها. لقد خضع المسيح لهذا الواقع لكي يصبح مراة تعكس بؤسنا، لا لكي يعيرنا بهذا ويديننا، ولكن لينيرنا. لقد عدنا اذن الى النور بمن حاول البعض ان يلقوه في الظلمة، نعم ليلة يسوع هي نهار، وما ظلمة الليل الا اكراما لاشراقة نوره هو. انها ليلة مميزة ، ليلة معلم وتلميذه الذي بحدث معلمه يستطيع ان يتبع ويسلك الطريق الصحيح. انها ليلة الراعي وقطيعه
حيث القطيع يعيش الامان لان الراعي قد وهب ذاته
انها ليلة صلاة من اجل ان ننخرط في هذا الحدث ونعيش ليلة الجتسمانية بكل روعتها امين.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته