من حلب إلى أورشليم… قصّة الناسكتَين كورا ومارانا

القدّيستان كورا ومارانا، تلميذتا القدّيس مارون القدّيستان كورا ومارانا، تلميذتا القدّيس مارون | مصدر الصورة: الرابطة المارونيّة

تحتفل الكنيسة الكاثوليكيّة بتذكار الناسكتَين البتولتَين كورا ومارانا في 28 فبراير/شباط من كلّ عام. هما قديستان تتلمذتا على يد القديس مارون، وسارتا في دروب النسك والتخلّي عن أمجاد العالم.

بلغَتنا أخبار الناسكتَين كورا ومارانا من خلال المؤرخ تاودوريطس أسقف قورش الذي دوَّن سيرتهما، وما جاء فيها من أبعاد روحيّة، تحاكي الأعماق الإنسانيّة. ويتبيّن من السيرة أنّ كورا ومارانا كانتا من مدينة حلب، من أسرة فاضلة وشريفة. تتلمذتا على يد القديس مارون، وزهدتا بمجد العالم وقشوره.

حبست كورا ومارانا نفسيهما في حجرة ضيقة، لها نافذة صغيرة تتناولان منها الطعام الضروري للحفاظ على حياتهما. وقد عكفتا على عيش حياة الفضيلة والصلاة والتقوى، صائمتَيْن طوال أربعين يومًا، على مثال الربّ يسوع الذي صام في البرّية، وسائرَتيْن على خُطى إيليا النبي. ولم تكونا تتحدثان إلى أحد، إلّا في خلال الخمسين يومًا، أي من أحد القيامة المجيد إلى أحد العنصرة.

كانت مارانا وحدها تُكلِّم من يأتي لزيارتهما، أمّا كورا فلم يسمع أحد صوتها في حياتها كلّها. وكان لباس الناسكتَين خشنًا مثقلًا بالحديد، إلى درجة يصعب على أيّ إنسان تحمّله. حتى إنّ كورا حدبت لضعف جسمها. وفي أحد الأيّام، زارهما الأسقف تاودوريطس وسألهما نزع الحديد عنهما، فاستجابتا لطلبه.

بعد تلك التجربة، أتيحت لهما زيارة الأماكن المقدّسة بكلّ خشوع وتقوى وذرف للدموع. وقد وصلتا إلى أورشليم وزارتا جبل الجلجثة والقبر المقدّس ومهد بيت لحم. وبعد إتمام زيارتهما بكلّ ما فيها من تجربة روحانية عادتا إلى حجرتهما في حلب، لمتابعة جهادهما في دروب الصلاة والنسك والتقشّف والصوم والزهد، من أجل بلوغ الأكمل على مثال معلّمهما مار مارون. وأخيرًا انتقلتا إلى فرح الحياة الأبديّة نحو العام 445.

نسألك يا ربّ، أن تعلّمنا كيف نسير في حياتنا على غرار الناسكتَين البتولتَين كورا ومارانا، فنسعى طوال حياتنا إلى عيش الفضيلة والعبادة، وإلى التخلّي عن كنوز العالم، حتى ندرك في ساعة موتنا فرح الانضمام لمجاورة أنقياء القلوب في فردوسك الأبديّ.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته