"خميس الأسرار" الليلة التي اختلطت أحداثها بالتواضع والخيانة

خميس الاسرار Provided by efrrit

مع بدء أسبوع الآلام، تلجأ الكنائس إلى إحياء الشعائر الدينية من صلوات صباح ومساء ورتب تبريك للزيوت وغيرها وصولاً إلى احتفالات خميس الأسرار والجمعة العظيمة فسبت النور وأحد القيامة. ولعلّ أبرز تلك المحطات التي نحييها في هذا الأسبوع المقدس تتمثل بـ"​خميس الأسرار​" ورتبة الغسل التي تتم ضمنه، واللذين يتخطيان بمفهومهما الديني والروحي إطار التذكارات الكنسية الطقسية لما يحملانه من معانٍ عميقة. فـ"خميس الأسرار" هو اليوم الذي سبق صلب يسوع المسيح، وهو اليوم الذي أسس فيه يسوع سرّي الإفخارستية والكهنوت. وبالإضافة إلى الأحداث التي جرت خلال ذلك اليوم، تذكر الكنيسة خيانة يهوذا الإسخريوطي إلى جانب تلك الأحداث التي قام بها السيد المسيح في هذا اليوم بلقائه الأخير مع تلاميذه والذي دعي بالعشاء الأخير.

ففي ذلك اليوم، جمع يسوع تلاميذه حوله في العشاء السري أو بالعشاء الأخير لأنه آخر عشاء جمع بينهم قبل تسليمه لليهود ومحاكمته وصلبه، كما أنه آخر خميس في الصوم الكبير والذي يليه الجمعة العظيمة ويسبق أحد عيد القيامة المجيد. وحوّل فيه الخبز إلى جسده، والخمر إلى دمه لتحيا بهما البشرية وتنال غفران خطاياها، إن المسيح أسس في خميس الأسرار سر الإفخارستية مشدداً على أنه يوم مقدس في الكنيسة وهو رمز للمسيح لأنه هو الذبيحة (الإفخارستية) وأساس الكنيسة الذي تقوم عليه المسيحية حتى الآن والتي تعد سر من الأسرار السبعة المقدسة في الكنيسة. كما أن الكهنة يحتفلون بتأسيس سر الكهنوت ويكون للبابا في كل عام رسالة يوجهها إلى كهنة العالم. إذاً إن خميس الأسرار: هو عيد ميلاد الإفخارستية والكهنوت.

كما ترك يسوع في هذا اليوم للكنيسة وصية المحبة والتواضع وخدمة الآخرين والمساواة بين جميع الناس حيث أثبت السيد المسيح حبه لتلاميذه خلال لقائه بهم في العشاء الأخير قبل تسليمه لليهود فقام بغسل أرجل تلاميذه الرسل، شارحاً أن رتبة الغسل تعني أن المسيح قدم فعل تواضع تجاه الشعب دون تمييز، وهو يدعونا لأن نتواضع على مثاله ويريدنا أن نغير مفهوم السلطة لدينا والتي هي عبارة عن تواضع وتسامح وليس العكس. حيث فسر لنا ذلك بالقول: "ليس عبد أعظم من سيده ولا رسول أعظم من مرسله، فإن كنتم قد عرفتم هذا فطوبى لكم إذا عملتم به".

ويستمر طقس غسل الأرجل حتى يومنا هذا ففي كل عام ضمن قداس خميس الأسرار، يقوم الكاهن أو الأسقف بغسل أرجل المصلين مثلما فعل السيد المسيح مع تلاميذه، فيسوع المسيح علّم تلاميذه وعلمنا في ذلك اليوم التواضع، لأنه كان المعلّم لكنّه كان خادماً وأراد لتلاميذه ولنا نحن المؤمنين أن نسير على نهجه ونتواضع ونكون قدوة للآخرين بخدمة بعضنا بعضاً.

أما عن خيانة يهوذا الإسخريوطي الذي قام بتسليم السيد المسيح لليهود لمحاكمته، بعد إعلان المسيح في العشاء الأخير أن أحداً من تلاميذه سوف يسلمه، وتحذيره من الخيانة بقوله "إن ابن الإنسان ماضٍ كما هو مكتوب عنه، ولكن ويل لذلك الرجل الذي به يُسلَم ابن الإنسان" إن هذا الحدث يجعلنا نقف متأملين ذواتنا لتظهر دعوة المسيح لنا بالأخص في هذا اليوم المبارك لنطهّر أنفسنا من كل خطية، ولنتقدم إلى مذبح الرب ونتناول القربان المقدس الذي هو جسده ودمه الأقدسين الطعام الروحي الذي نتناوله لنثبت في المسيح ويثبت المسيح فينا ولنستحق جميعاً أن نرث ملكوته السماوي حسب وعده المقدس.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته