زمن الميلاد باقٍ… ما أبرز الدروس الروحيّة؟

يُدعى المؤمنون إلى التغيير في فترة الاستعداد ويستمرّ ذلك بعد الميلاد (اللقطة من كنيسة مار يوسف-السليمانيّة، العراق) يُدعى المؤمنون إلى التغيير في فترة الاستعداد ويستمرّ ذلك بعد الميلاد (اللقطة من كنيسة مار يوسف-السليمانيّة، العراق) | مصدر الصورة: إذاعة صوت السلام-بغديدا

قبل أسابيع، استعدّ المؤمنون لميلاد هذا العام. حصّنوا أنفسهم بمستلزمات الفرح والهناء لاستقبال اليوم المجيد. وما بين المظاهر الخارجية التي تُعبّر عن المشاعر الباطنية، وروحنا الداخلية التي تحيا أحاسيسَها بما تلبسُه من جديد وتأكله من لذيذ وتعمله من مُريح، ما أبرز الدروس والعِبر الروحية المستقاة من هذا الزمن والمستمرّة حتى بعد عيد الميلاد؟

هذا الميلاد، كان لا بدّ من استعداد روحيّ يكون أسمى من كلّ شيء، لأنَّ من انتظره البشر وأحبّوه روحيٌّ، وظهورُه ومجيئه يُبرزان القيم الروحية التي تُغَلِّف الأحداث التأريخية وبساطتها رغم أبّهتها وجلالها. إنَّما هي التي توحي إللناينا كيف نفرح ونتمتع بالعيد إزاء راحة صاحب العيد نفسه ورضاه عنا.

بشرى الميلاد احتوت رسالة مُهِّمة للبشرية. «قال الملاك: أبشّركم بخير عظيم يفرح له جميعُ الشعب». فالميلاد إذًا يبَّشر بتحقيق ما يرجوه المؤمنون. المخَّلص أتى ليفضح الشر والباطل ويُعيد الإنسان إلى مجد كرامته التي فقدها بالخطيئة. فقَدَ روحه وخسر صداقة الله، ليبقى الجسد سيِّد الموقف.

لم يتنازل الله عن صورته. جاء ليُقوي الإنسان ليتغلّب في معركةٍ جديدة على عدوه الشرير ويتمتّع بخيرات الله الروحية. لن يخلص الناس بسيف العنف ودم الانتقام وتشريد الودعاء وتجويع الأبرياء. بل بالحُبِّ والإخاء والغفران والفداء. بهذه تُضمن الراحة والهناء. هذا هو الخير والفرح اللذان يضمنهما مجيءُ المخَلّص. وهذا المخلّص هو المسيحُ الربّ.

الله يُؤَّدي دوره. يأتي ليُخلِّص وعلى الإنسان أن يتفاعل معه: «المجدُ لله في العلى»، أن يعترف بجميل الله ويحمَدَه. أن يقبله في فقره وتواضعه وتضحيته، إِذ «أخلى ذاته، مجده الإلهي، واتّخذ صورة العبد... أطاع وتألّم» (في 2: 7-8). ونتعَلَّم منه ونقتدي به (يو 13: 15).

وإذا تجسَّد الله فحتى يتألّه الإنسان بأخلاقه وسلوكه، وبالنتيجة يفرح ويهنأ. فالمؤمن يُدعى للتغيير في فترة الاستعداد، ويستمر بعد الميلاد.

و«على الأرض السلام». هذا وعد المسيح. وإن عاش البشر حسب تعليمه وقيمه سيسود السلام في العالم. و«الرجاء الصالح لبني البشر». لتكن للناس ثقةٌ بالله، بتعليمه وبسلوكه. «الله لا يتغَيَّر ولا يكذب» (يع 1: 17). جاء نموذجًا للحياة الكريمة والهنيئة.

فمن يطلب الحياة  فليقتدِ به. يتدَرَّب منذ فترة الاستعداد ويتمَرَّن على تطبيق تعليمه وتبّني حكمته في أسلوبه فيتخلَّى عن أفكار العالم وأساليبه، ليكون إناؤُه فارغًا حتى يملأه المسيح بالحبّ والفرح والهناء.

لنُصغِ إلى الآخرين. لنسمع كلام الله. لنحبّ الكلّ. لنتجرّد عن أنفسنا ونعمِّق فينا روح الله، كما تخلّى هو عن ذاته وصار مثلنا.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته