احتفالات الميلاد في العراق… طقوسٌ روحيّة وتقاليد شعبيّة

سيّدات وفتيات عراقيّات يحضّرنَ الـ«الكليجة» التقليديّة للعيد سيّدات وفتيات عراقيّات يحضّرنَ الـ«الكليجة» التقليديّة للعيد | مصدر الصورة: صفحة عمكاباد في فيسبوك

لا يقتصر الاحتفال بأعياد الميلاد ورأس السنة في العراق على الطقوس الكنسيّة والصلوات الروحية؛ فهناك كثير من التقاليد الشعبيّة التي غدت تراثًا مصاحبًا لأفراح العيد. وإلى جانب الحفاظ على إيمانهم، يحافظ مسيحيو العراق، أينما حلّوا، على تقاليدهم الشعبية المتوارثة المرافقة للاحتفال بهذا العيد المجيد. 

تسبق العيد أيام الصيام الاستعدادية، فيشرع بعضهم بالصيام مع بداية الشهر وآخرون يصومون تسعة أيّام، فيما يقتصر الصيام لدى آخرين على ليلة العيد. ومع تنظيف القلوب استعدادًا لاستقبال الطفل يسوع فيها، تنشغل السيدات بتنظيف المنازل وتحضير الأطعمة الخاصة. 

يكون الصيام عادةً قطعيًّا، أي بالانقطاع عن تناول اللحوم بأنواعها وسائر المنتجات الحيوانية كالحليب والبيض وما شابه. فتمنع الأمهات الأيادي أن تمتدّ إلى الحلويات والمعجنّات قبل حلول العيد، إذ إنّ مكوّناتها لا تصلح للصائمين.

تجتمع سيّدات العائلة وفتياتها في أجواء من المحبة والفرح متعاوناتٍ في إعداد أطعمة العيد وحلوياته، كلّ مرّة في بيت، ويقضينَ أوقات العمل في ترتيل ترانيم الميلاد أو ترديد صلاة المسبحة الوردية.

تبرز «الكليجة» كأشهر معجنات العيد، وقوامها الدقيق المعجون بالسمن الحيوانيّ المستخلص من الحليب والمعروف محلّيًّا بـ«الدهن الحرّ» أو ببدائل تؤدي الغرض. ولا تنسى العاجنة أبدًا مباركة عجينها برسم إشارة الصليب عليه حال الانتهاء من عجنه ليختمر ويتضاعف. وهو تقليد شائع لدى عراقيّات غير مسيحيّات أيضًا كموروث شعبيّ عن جدّاتهنّ مرتبطٍ بأصولٍ مسيحيّة بعيدة.

حلويات عيد الميلاد في العراق. مصدر الصورة: إميل غريب-تمام حنون
حلويات عيد الميلاد في العراق. مصدر الصورة: إميل غريب-تمام حنون

تُحشى «الكليجة» بالتمر أو بمزيج الجوز والسكّر، ويُدهن وجهها بالبيض قبل شوائها، وتتفنّن السيدات في صنع أشكالٍ من العجين لا سيما الصليب طلبًا للبركة.

في البيت الكبير، تلتئم العائلة في أول أيام العيد لتناول أكلة «الباجة» الأدسم والأشهى بعد الصيام القطعيّ، المتكوّنة من مرق رأس الغنم أو البقر وأرجلهما، فضلًا عن بعض أحشائها المفرغة والمحشوّة بمزيج اللحم والأرزّ أو البرغل. فيما يفضّل آخرون كبّة «اليَخْنِي» المصنوعة من طحين الأرزّ الممزوج باللحم والمحشوة باللحم والبصل والمطبوخة في مرق اللحم مع الحمص والبصل. 

لإضفاء الحلاوة على العام الجديد، تُعدِّ السيّدات كبّة «القيسي» أي المشمش المجفف، حلوة المذاق، ويخترنَ لأجواء عيد الدنح شديدة البرودة أكلة «الكشك» مع الكبب الكبيرة المعروفة بكبّة الموصل.

أمّا الأحبّاء الراقدون فغير منسيّين، إذ تُزار قبورهم في اليوم الأول من العيد، ويُعاد تقديم واجب العزاء لأهل المتوفَّين في أوّل عيدٍ يمرّ بعد وفاتهم، فعيدهم في السماء.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته