لمَ تتصاعد أعداد طالبي بطلان الزواج بين مسيحيّي العراق؟

المجتمع المسيحي العراقي يعاني ارتفاع أعداد طالبي بطلان الزواج المجتمع المسيحي العراقي يعاني ارتفاع أعداد طالبي بطلان الزواج | مصدر الصورة: Elnur/Shutterstock

تصبّ المحكمة الكنسيّة المختصّة بالأحوال الشخصيّة للمسيحيّين الكاثوليك في العراق اهتمامها الرئيس على تشجيع التفاهم والمصالحة بين الزوجَين المختلفَين، وذلك من أجل تمكين استئناف العيش المشترك باعتباره الحلّ الأمثل. 

وحينما تبوء محاولات الصلح بالفشل، تنكبّ المحكمة على دراسة دقيقة ومكثّفة لملف القضية المرفوعة أمامها لطلب التفريق، من مختلف الجوانب. وإذا وصلت إلى قناعة ضميريّة باستحالة استئناف شركة الحياة الزوجية، تضطر حينها لإعلان بطلان الزواج، كما بيّن الخورأسقف نهاد القس موسى، القاضي في المحكمة الكنسيّة الموحّدة بعنكاوا العراقية، في حديثه إلى «آسي مينا»

أوضح القس موسى أنّ الأسباب المؤدّية اليوم إلى زيادة مُطَّرِدة في دعاوى الانفصال أو الحصول على «بطلان زواج» لدى المحكمة الكنسيّة في العراق كثيرة. أمّا أبرزها فأزمة التهجير القسريّ المصاحب لاجتياح تنظيم داعش الإرهابي للموصل وقرى وبلدات سهل نينوى عام 2014. فقد ألقت هذه الحوادث بظلالها السلبيّة على العائلات المسيحيّة والعلاقات بين أفرادها، لا سيّما مع فقدان عائلات كثيرة خصوصيّتها باضطرارها لمشاركة السكن مع عائلات أخرى.

وشرح القس موسى أنّ من تبعات الأزمة أيضًا «سفر أحد الزوجَيْن إلى خارج العراق، المترافق بامتناع الآخر عن مصاحبته لأيّ سببٍ كان. فضلًا عمّا سبّبته التغيّرات السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة من تفاقم المشكلات الزوجيّة ووصولها إلى طريق مسدود. وذلك على الرغم من تدخّل أطراف كنسيّة وعلمانيّة، لا سيّما المحكمة الكنسيّة المختصّة».

وفي هذا السياق، شرح القس موسى أنّ الحياة الزوجيّة لم تَخْلُ في الماضي من المنغصّات. «فالطبيعي أن تكون الحياة ملأى بالأفراح والأتراح. لكنّ الأجيال السابقة كانت أكثر نضجًا ووعيًا، فضلًا عن الخجل السائد. وكان تقدّم أحد الطرفَين، لا سيّما السيدات، بطلب تفريق إلى المحكمة الكنسيّة يتطلّب كثيرًا من الجرأة. فيفضّل الجميع الحلول الودّيّة واستئناف الحياة المشتركة».

ونبّه القاضي إلى أنّ أصغر مشكلة تواجه العائلة الناشئة اليوم، تتضخّم لتقود الطرفَين إلى المحكمة. فلا يُشعَر بالمسؤوليّة تجاه سرّ الزواج والحياة المشتركة فضلًا عن الأولاد. وبيّن أنّ تدخّلات الأهل في السابق كانت للإصلاح والتوفيق من أجل انتصار المحبّة والتسامح. ولكنّ «المؤسف أنّ تدخّلهم اليوم يشجّع الأبناء على هدم العائلة. ربّما لعدم نضج الأهل أنفسهم أو لقلّة إيمانهم».

واستطرد القس موسى: «لا عجب أن يفتقر الأبناء إلى النضج الإنسانيّ والإيماني والشعور بالمسؤوليّة، مقابل استشراء الاستسهال والاستهلاكيّة والأنانيّة». وأشار إلى خطر تبنّي شبابنا في المهجر خيار الزواج المدنيّ، بعيدًا عن الكنيسة، ليكون الانفصال ممكنًا وسهلًا، بعيدًا عن قدسيّة سرّ الزواج.

وخلص الأب نهاد إلى القول إنّ «كثيرين من المؤمنين يعتقدون أنّ في إعلان بطلان الزواج معالجة ناجعة لفشل الحياة الزوجيّة. والواقع أنه بداية لمشكلات أكبر يعانيها الأبناء خصوصًا». ونبّه إلى أهمّية العائلة باعتبارها أساس المجتمع وكنيسةً منزليّة.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته