رصاص الحرب يروي حكاية سلام في تللسقف العراقيّة

حمامة سلام مصنوعة من فوارغ الرصاص للفنّان اليوناني بامبويكاس باسيليوس إيبوهسين حمامة سلام مصنوعة من فوارغ الرصاص للفنّان اليوناني بامبويكاس باسيليوس إيبوهسين | مصدر الصورة: آسي مينا

ما إن تدخل باحة كنيسة مار كوركيس في تللسقف، بمحافظة نينوى، شماليّ العراق، حتى تطالعك في صدر الفناء لوحةٌ لحمامة تحمل في منقارها غصن الزيتون علامة السلام. فما الجديد والمثير والمتمايز في لوحة مماثلة؟

حينما تنعِم النظر في هذه اللوحة ستكتشف أنها ليست مرسومة بألوان زيتيّة أو مائيّة أو ما شابه، بل هي لوحةٌ فسيفسائيّة رائعة رُصَّت من  فوارغ الرصاص!

باحة كنيسة مار كوركيس في تللسقف، العراق. مصدر الصورة: آسي مينا
باحة كنيسة مار كوركيس في تللسقف، العراق. مصدر الصورة: آسي مينا

بعد سنوات من الاحتلال والتدمير، انجلت غيمة تنظيم داعش الإرهابيّ بتحرير الموصل وقرى وبلدات سهل نينوى. فشرعت وفود الصحافيين والفنانين ومحبّي الاستطلاع بزيارة الأطلال المحرّرة، ربما بحثًا عن مادة ترفد عملهم بالجديد.

حمامة سلام مصنوعة من فوارغ الرصاص للفنّان اليوناني بامبويكاس باسيليوس إيبوهسين. مصدر الصورة: آسي مينا
حمامة سلام مصنوعة من فوارغ الرصاص للفنّان اليوناني بامبويكاس باسيليوس إيبوهسين. مصدر الصورة: آسي مينا

وإلى باطنايا، القرية المسيحيّة المحرّرة في شماليّ الموصل، وصل فنان يونانيّ، بامبويكاس باسيليوس إيبوهسين، استفزّته الصورة المؤلمة لآثار الحرب القاسية على البلدات المسيحيّة في المنطقة. فشرع يجمع فوارغ الرصاص المتناثرة هنا وهناك في القرية المدمَّرة، قبل أن يُعاد إعمارها لاحقًا.

حمامة سلام مصنوعة من فوارغ الرصاص للفنّان اليوناني بامبويكاس باسيليوس إيبوهسين. مصدر الصورة: آسي مينا
حمامة سلام مصنوعة من فوارغ الرصاص للفنّان اليوناني بامبويكاس باسيليوس إيبوهسين. مصدر الصورة: آسي مينا

وشكّلت أنامل الفنان لوحةً ناطقة بانتصار السلام واندحار الحرب. فهو رصّ فوارغ رصاص الحرب والقتل والتدمير ليشكِّل منها حمامة السلام حاملةً غصن الزيتون في لوحة فسيفائية فيها من جمال المعنى ما يفوق كثيرًا روعة المنظر.

حمامة سلام مصنوعة من فوارغ الرصاص للفنّان اليوناني بامبويكاس باسيليوس إيبوهسين. مصدر الصورة: آسي مينا
حمامة سلام مصنوعة من فوارغ الرصاص للفنّان اليوناني بامبويكاس باسيليوس إيبوهسين. مصدر الصورة: آسي مينا

وأوضح الإكليريكي وميض خالد، من أهالي بلدة تللسقف، عبر «آسي مينا» أنّ الحياة لم تكن قد عادت بعد إلى باطنايا في زمن إنجاز الفنّان اللوحة، فاستقرّت في فناء كنيسة مار كوركيس بتللسقف ولا تزال هنا.

وشرح خالد أنّ اللوحة تشير إلى محبّة المسيحيين السلام ورفضهم العنف والعدوان بجميع أشكاله وانتصارهم للحياة. فرغم ما عانته المنطقة من تدمير وتخريب بسبب احتلال «داعش» والتهجير القسري الذي طال أبناءها، لم يستطع ذلك أن يمنع الأهالي من العودة وإعادة إعمار مناطقهم برجاء العيش فيها بسلام. 

حمامة سلام مصنوعة من فوارغ الرصاص للفنّان اليوناني بامبويكاس باسيليوس إيبوهسين. مصدر الصورة: آسي مينا
حمامة سلام مصنوعة من فوارغ الرصاص للفنّان اليوناني بامبويكاس باسيليوس إيبوهسين. مصدر الصورة: آسي مينا

الجدير بالذكر أنّ اسم «تللسقف» أو«تسقوبا»، وهو اسمها المحليّ، تصحيف لكلمة سريانية من قسمين، «تلّا زقيبا»، الأول معناه التـل والثاني يعني الصليب أو المرتفِع أو المنتصِب. فهناك ثلاث تلال في جنوب البلدة. ولعلها ترمز إلى الصليب فيكون معناها تلّ الصليب، أو  التلّ المرتفع أو المنتصب، وهذا هو الأرجح بحسب الباحث باسم روفائيل.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته