لقاء فرنسيس الأسيزيّ والسلطان الكامل… إخفاق أم نجاح؟

لوحة زيتيّة للقدّيس فرنسيس الأسّيزيّ أمام السلطان الكامل لوحة زيتيّة للقدّيس فرنسيس الأسّيزيّ أمام السلطان الكامل | مصدر الصورة: Lena María/Pinterest

يُعدّ القديس فرنسيس الأسيزيّ واحدة من أهم الشخصيات المسيحية. فهو لم ينقل الحضور الرهباني من قمم الجبال إلى الشارع بين الناس فحسب، بل أوصله إلى غير المسيحيين ما وراء البحار. فهل نجح في مسعاه هذا؟

من ميناء أنكونا الإيطالي انطلق فرنسيس إلى مدينة دمياط المصرية، والتي كانت ترابط حولها قوات الفرنجة ضمن ما يُعرف تاريخيًّا بـ«الحملة الصليبية الخامسة»، فوصلها في يوليو/تموز 1219. وبعد شهرين، تسلّل فرنسيس مع الراهب إيلوميناتو إلى معسكر المسلمين، ومن المحتمل أنّ الحراس قد قبضوا عليهما في بادئ الأمر بصفتهما جاسوسَين. لكنّ النتيجة الأهم تمثّلت في لقاء فرنسيس والسلطان الكامل الأيوبي.

وتصمت المصادر التاريخية الموثوقة عن موضوع الحوار الدائر بين الطرفين، لكنّها تتحدث في المقابل عن بقاء فرنسيس أيامًا في معسكر المسلمين، واصفةً إياه بالشخصية الملتهبة بغيرة الإيمان. كما تقول عنه إنّه كان يبشّر المسلمين بكلمة الله من دون أن يحرز تقدمًا يُذكر في هذه المسألة.

وبالطبع ليس بالضرورة أن تعني كلمة «تبشير» هنا المجاهرة بالإيمان المسيحي والدعوة الصريحة لاعتناقه؛ ففي الفصل السادس عشر من قانون الرهبانية الفرنسيسكانية الأول هناك إشارة إلى إمكانية التبشير بيسوع المسيح بين المسلمين وغير المسيحيين عمومًا بمجرد الحضور وحده لا غير.

إذًا، وبغض النظر عن دافع توجُّه فرنسيس إلى الكامل سواء بهدف الحديث عن الإيمان المسيحي أم النقاش والبحث في سبل وقف نزيف الدماء بين جنود الجيشين، فإنّ هذا اللقاء خلق فضاءً للحوار بين الشرق والغرب وبين المسلمين والمسيحيين. 

ولم يفضِ هذا الحوار حينها إلى نتائج سياسية ملموسة، فبعد نحو شهرين أُريقت الدماء واستولى الفرنجة على دمياط. لكن في وقت لاحق، أدركت الكنيسة أهمية فرنسيس وما فعله، إذ صار أخًا للجميع، جاعلةً منه أيقونة «السلام والأخوّة الشاملة». 

واتضحت تلك النظرة أكثر ابتداءً من القرن الماضي مع المجمع الفاتيكاني الثاني والقديس يوحنا بولس الثاني حين دعا رؤساء وممثلين عن أديان العالم عام 1986 إلى الاجتماع والصلاة في مدينة أسيزي الإيطالية حيث ضريح القديس فرنسيس، مستلهمًا روحه من أجل إحلال السلام بين البشر. وما زال هذا النهج مستمرًّا مع البابا فرنسيس اليوم، في وقت تزداد مشاعر الكراهية وخطاباتها في العالم.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته