أيصمت الله عندما تضربنا المصائب والمِحَن؟

هل يصمت الله في ساعة المحنة؟ هل يصمت الله في ساعة المحنة؟ | مصدر الصورة: Doidam 10/Shutterstock

هل يصمت الله حقًّا وسط المحن؟ وإذا كان يصمت، فمتى يتكلم إذًا؟ وكيف ندرك أنّه هو من يخاطبنا؟ جميع هذه التساؤلات كانت محور حديثنا مع الرئيس الإقليمي لجمعية الآباء اللعازاريين في الشرق الأب رمزي جريج.

شرح جريج لـ«آسي مينا» أنّ الله يتكلّم من خلال محاور ثلاثة. أوّلًا، «من خلال الإنجيل، أي عبر الأشخاص الذين سبقونا واختبروا الحوار معه، فهذا أول مصدر لنا لنفهم منطق الله». ثانيًا، «يتكلم الله في أعماق قلب الإنسان وجوهره، وهنا لا أقصد العواطف والأحاسيس، فالقلب هو المكان حيث يطرح الإنسان التساؤلات الوجودية، من أنا؟ وما هو مصيري بعد الموت؟ من يحبّني بلا مصلحة؟... وقد قال القديس أغسطينوس: "خلقتنا يا ربّ وقلبنا لن يرتاح إلا فيك"، فالله يعمل في بحث قلبنا عنه، لأنّ حبّه وحده يُطمئن. وعندما نسمع صوت الله ويكون مطابقًا لكلمة الإنجيل ولمشتهى قلبنا، نتأكد حينئذٍ أنّه صوته، فهو لا يتكلم لغتَين». وأخيرًا، «يتحدث الربّ من خلال أحداث حياتنا، وبخاصّة من خلال قراءتها في ضوء حبّه لنا».

نشعر بأنّ الله تركنا 

تابع جريج: «الله لا يصمت، والمشكلة أنّنا نعتقد ذلك، حين نغدو غير قادرين على سماع صوته، عندما ينشغل قلبنا بأمور الدنيا والأنانية. ونشعر أيضًا بأنّ الله تركنا، وسط صليبنا، فنحس بأنّ الربّ لا يتدخل، ولكنّه يترك الشر أحيانًا يتفاعل، ولا يريده أن يتوقف بطريقة عجائبية». وأضاف: «ورد في سفر أرميا: "لقد أغويتني يا رب" (أرميا 20: 7)، أي يسحرنا الله ويريدنا أن نختاره بملء حريّتنا، وبذلك ننتقل من مستوى أناني إلى مستوى كيف ينظر الله للأمور».

صرخة يسوع على الصليب

فسّر جريج: «لمّا صرخ يسوع: "إلهي، إلهي لماذا تركتني"، كان يصلّي مزمور 22. فلقد قرأ ما يحدث معه في ضوء حبّ الله، متذكّرًا ما ورد في المزمور: "لقد أجَبْتَني"»، أي «ما يحدث معي ليس لأنّ الشر أقوى من الخير بل لأنّني قبلت أن أموت وأتحمّل نتائج الشر لكي أعلن حبّك على الصليب وأَفْتَحَ للناس طريق الخلاص».

عندما يستفحل الشرّ

 زاد جريج: «نحن أمام صليبنا نصرخ: "لماذا أنت صامت يا ربّ؟" ولكنّ الله يتكلم حتى عندما يستفحل الشر ويفضحه بنتائجه بالموت الذي يسببه. ويعطي الإنسان إمكانية أن يرى الأمور كما يراها الله من أعلى الصليب وليس من خارجه». «فيسوع رأى أنّ حبّ الله، سيفتح أبواب الخلاص حتّى للذين صلبوه»، على حدّ تعبير جريج، «لذا قال يسوع: "اغفر لهم لأنّهم لا يدرون ماذا يفعلون"، مجسّدًا قمّة المسامحة».

أكبر كلمة حبّ

خلص جريج في حديثه إلى «آسي مينا» إلى أنّ ما نراه على أنّه صمت الله هو في الحقيقة «أكبر كلمة حبّ، يجعل الإنسان من خلالها يكبر، ويدخل في منطق الله، ثم يحقّق من خلال صليبه خير الآخرين. وهذا ما فعله المسيح من أعلى صليبه، محقّقًا أكبر عمل حبّ وخلاص لكل البشر».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته