الشعانين في الطقس البيزنطي

أيقونة عيد الشعانين أيقونة الشعانين من الطقس البيزنطي | Provided by: infotouristmeteora

في الطقس البيزنطي، يفصل بين زمن الصوم والأسبوع العظيم المقدّس (أسبوع الآلام) يومان، هما سبت إقامة لعازر وأحد الشعانين. فإن قمنا بعدّ الأيّام، بالتحديد، من بدء الصوم حتّى يوم الجمعة السّابق للأسبوع العظيم المقدّس نكون قد عبرنا أربعين يومًا من الصوم والصلاة. فيأتي عندها هذان اليومان ليفصلا بين الأربعين يوم صوم والأسبوع العظيم الذي نتابع صومنا وصلاتنا فيه.

في الفصل 11 من إنجيل يوحنّا، يقيم يسوع لعازر من الموت. وإن تابعت قراءة ما بعد هذا الحدث في يوحنّا، تجد يسوع في بيت عنيا، حيث مَسَحت مريم قدميّ يسوع بالطيب، ليدخل بعدها إلى أورشليم، فيستقبله الجمع حاملاً سعف النخل هاتفاً: “هُوشَعْنا! تَبارَكَ الآتي بِاسمِ الرَّبّ مَلِكُ إِسرائيل!” (يوحنّا 11: 13). ويُعيد الطقس البيزنطي تذكار إقامة لعازر قبل أحد الشعانين. فيشكّل بذلك سبت إقامة لعازر مع أحد الشعانين رمزًا على ما سيحدث بعد أسبوعٍ مع يسوع المسيح. حتّى إنّ نشيد عيد الشعانين، بحسب الطقس البيزنطي هو التالي: «أيُّها المسيحُ الإله، لقد أقمتَ لعازرَ من بينِ الأموات قبل آلامك، مؤكَداً القيامةَ العامَّة. فنحنُ أيضاً مثلَ الفتيان، نحمل رموز الانتصار، هاتفينَ إليك يا غالبَ الموت: هوشعْنا في الأعالي. مباركٌ الآتي باسم الرب».

يومٌ للتأمّل بعظمة الملك وتواضعه

يكتب الطقس البيزنطي هذا السرّ المقدّس في عدّة صلوات رائعة مليئة بالمعاني اللاهوتيّة، جاعلاً من أحد الشعانين يومًا للتأمّل بعظمة الملك وتواضعه. هذه إحداها من صلاة غُروب أحد الشعانين: «إنّ كلمة الله الآب، الابن المُساوي له في الأزليّة، الذي السّماء كُرسِيَّهُ والأرضُ موطئُ قدميه، تواضع اليوم آتيًا إلى بيتَ عَنيا على جَحشٍ أعجم. لذلك يُسبّحُهُ فتيان العبرانيّين، حاملين بأيديهم أغصانًا، وهاتفين: هوشعنا في الأعالي، مباركٌ الآتي ملكُ إسرائيل». كما يُتلى في جزءٍ آخرٍ من الغُروب: «هُلمَّ اليوم يا جميع إسرائيل الجديد، الكنيسة التي من الأُمم، نهتف مع النبيّ زكريّا: إفرحي طربًا يا ابنةَ صهيون. نادي يا ابنة أورشليم. ها إنّ ملككِ يأتيكِ وديعًا ومُخلِّصًا وراكبًا على عَفو ابنِ أتانْ عيّدي كالأطفال حاملةً بيديكِ أغصانًا وسبّحيه مُنشِدةً: هوشعنا في الأعالي، مُباركٌ الآتي ملكُ إسرائيل».

يومٌ للفرح

بينما يبدأ أسبوع الآلام في الطقس اللاتيني مع أحد الشعانين فيصبح الشعانين مزيجًا جميلاً من الفرح والآلام، على سبيل المثال، في الطقس البيزنطي الشعانين هو يومُ فرحٍ فقط والأسبوع العظيم المقدّس يبدأ الإثنين. يستقي الطقس البيزنطي روحانيّته من أسفار الأنبياء في العهد القديم الذين تكلّموا عن يوم مجيء المسيح هذا ودخوله أورشليم. فسفر زكريّا النبيّ يقول: «اِبتَهِجي جِدّاً يا بِنتَ صِهْيون وآهتِفي يا بنتَ أُورَشَليم» (زكريّا 9: 9-10). سفر صفنيا النبيّ يقول: «هَلِّلي يا بِنتَ صِهْيون إِهْتِفْ يا إِسْرائيل إِفرَحي وتَهَلَّلي بِكُلِّ قَلبِكِ يا بِنتَ أُورَشَليم فقد أَلْغى الرَّبُّ الحُكمَ علَيكِ وأَبْعَدَ عَدُوَّكِ في وَسَطِكِ مَلِكُ إِسْرائيلَ الرَّبّ فلا تَرَينَ شَرّاً مِن بَعدُ. في ذلِكَ اليَوم يُقالُ لِأُورَشَليم: "لا تَخافي ويا صِهْيونُ،َ لا تَستَرخِ يَداكِ في وَسَطِكِ الرَّبُّ إِلهُكِ الجَبَّارُ الَّذي يُخَلِّص ويُسَرُّ بِكِ فرَحاً ويُجَدِّدُكِ بِمَحَبَّتِه ويَبتَهِجُ بِكِ بِالتَّهْليلِ كما في أَيَّامِ العيد"» (صفنيا 3: 14-18).

استباقٌ لحلاوة القيامة ومجد أورشليم السماويّة

في هذين اليومين يتذوّق المؤمن من خلال الطقس البيزنطي حلاوة قيامة المسيح الآتية بعد أسبوع الآلام، فيدخل إلى الأسبوع العظيم المقدّس برجاءٍ ثابتٍ. ويَذكُر أنّ خلال إقامته للعازر، يسوع قد قال لمرتا: «أَنا القِيامةُ والحَياة مَن آمَنَ بي، وَإن ماتَ، فسَيَحْيا وكُلُّ مَن يَحْيا ويُؤمِنُ بي لن يَموتَ أَبَداً» (يوحنّا 11: 25-26). فلقد أكّد يسوع، عندما أقام لعازر، أنّ كلامه صحيح. فكيف له أن يُقيم الموتى إن كان كاذبًا وبأيّ قدرةٍ؟ وبعد أن تأكّد المؤمن أنّ المسيح هو القيامة، ازداد إيماننا بقيامته من الموت وانتظرناها في أحد القيامة. وبرؤية المؤمن لاستقبال الجمع للمسيح في أورشليم، ملكًا على إسرائيل، ينتظر أيضًا مشاهدة استقبال أورشليم السماويّة له، قائمًا من الموت بعد آلامه ودفنه. اذ أنّه حقًّا الملك حامل مفاتيح الحياة والموت مُعطي الحياة وزارع المعنى.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته