هدمَ معابد النار وبنى الكنائس فمات مرجومًا من أبيه

مار قرداغ مار قرداغ | مصدر الصورة: خورنة القوش.كوم

تكرّم الكنيسة الكلدانية مار قرداغ، «قرداخ» الشهيد، وتحتفي بتذكاره في الأول من سبتمبر/أيلول كلّ عام، شهيدًا للإيمان وشفيعًا لإيبارشيتها في أربيل. 

ولد قرداغ الأربيلي في الربع الأول من القرن الرابع لأسرة وثنية تعود أصولها إلى الملوك الآشوريين. «فوالده من سلالة نمرود الجبار، ووالدته من صلب سنحاريب الشهير» كما يخبرنا كتاب شهداء المشرق للأب ألبير أبونا. ويوضح أبونا في كتابه أنّ الملك شابور استدعاه وأكرمه لبسالته وشجاعته ومهارته في القتال وتمسكه بالديانة الوثنية. لذا، «أقامه وزيرًا على آثور ومرزبانًا (أي حاكمًا على إقليم) يمتدّ حكمه حتى مدينة نصيبين، وأرسله بأبّهة وحمّله هدايا نفيسة لوالده».

وبحسب أبونا، أثارت توليته إدارة الولاية رعب المسيحيين لعلمهم بغيرته العارمة على الديانة المجوسية. فراحوا «يرفعون الصلوات لأجله في الكنيسة كلّها، عسى الله أن يخفِّف من شدة تغضّبه فلا يضطهد الشعب المسيحي».

وبعد عودته إلى أربيل، ابتنى حصنًا وقصرًا  على تلّة. لكنه رأى في الحلم فارسًا أخبره بأنه «سركيس خادم المسيح» وأنبأه: «ستموت أمام هذا الحصن شهيدًا في سبيل المسيح». لكنه لم يُعِر رؤياه اهتمامًا.

فأوحى الله إلى عبديشوع الراهب القديس أن يسعى إلى هداية قرداغ قائلًا: «إني بواسطتك سأصطاده لي، وعليه أن يعاني كثيرًا من أجل اسمي». فامتثل الراهب وبشّر قرداغ وأفهمه أنّ السجود واجب للخالق الأزلي لا لمخلوقات فانية. ففتح الربّ قلب قرداغ للإيمان بالمسيح، فنال المعمودية على يدَي عبديشوع وشرع يصوم ويتعلّم الإنجيل والمزامير. «وفتح كنوزه وأخذ يوزع عطايا كثيرة وصدقات سخية على الكنائس والأديرة والأعمار المقدسة، وعلى الفقراء والمحتاجين والأيتام والأرامل».

استغلّ أعداء قرداغ انشغاله فهجموا على بلاده وعاثوا فيها قتلًا وتدميرًا وسبيًّا. فخرج إليهم قرداغ متّكلًا على الله و«معلّقًا في عنقه صليبًا من ذهب يحتوي على ذخيرة العود المقدس»، وناذرًا لله إن أعاده منتصرًا، أن يهدم معابد النار ويقيم مكانها الأديار والكنائس. ولمّا عاد قرداغ منتصرًا أوفى بنذره، فكثرت الوشايات ضده وانقلب عليه الملك. لكنّ قرداغ رفض الارتداد عن المسيحية رغم كل ما قاساه.

وإذ كان متحصِّنًا في قلعته، ظهر له إسطفانوس، المرجوم في أورشليم بعد قيامة المسيح، في رؤيا مرجومًا بحجارة لؤلؤية، وأنبأه باستشهاده قريبًا مرجومًا بلؤلؤة من يد أبيه. ولمّا خرج انهالت عليه الجموع رميًا بالحجارة فلم يتأذَّ، بل قال: «لا أموت إلا حينما يرميني أبي بحجرة». وحالما رجم الأب ابنه، فاضت روحه شهيدًا عام 359 أمام حصنه، متمِّمًا النبوءة.

وفي العراق اليوم كنائس عدة تحمل اسم مار قرداغ الشهيد. وتتبع إحداها إيبارشية أربيل الكلدانية التي لها أيضًا مدرسة دولية تحمل الاسم نفسه. 

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته