يهوذا الإسخريوطي... الخائن الأعظم وليس الأوحد

يهوذا الإسخريوطي يسلّم يسوع المسيح بقبلة يهوذا الإسخريوطي يسلّم يسوع المسيح بقبلة | Provided by: Cimabué, 13th century (Public Domain)/NCR

يخبرنا الكتاب المقدّس أن الربّ يسوع «دعا تلاميذه واختار منهم اثني عشر سمّاهم أيضًا رسلًا» (لو 6: 13). ثمّ يذكر أسماء جميعهم، وآخرهم «يهوذا الإسخريوطي الذي صار مُسَلِّمًا أيضًا» (لو 6: 16). فبعد ثلاث سنوات من اتّباع يسوع وسماع أقواله وتعاليمه ومعاينة أعماله وعجائبه، اختار الإسخريوطي خيانة معلّمه.

في حديث خاصّ إلى «آسي مينا»، أوضح الأب نهاد القس موسى أن خطيئة يهوذا لم تقتصر على سرقة المال، لكنه اقترف أفظع الخطايا على الإطلاق إذ خان المسيح واختار بملء إرادته تسليمه مقابل ثلاثين من الفضّة، على الرغم من أن الربّ لم يستثنه في ليلة العشاء الأخير، بل ‏غسل رجلَيْه بمحبّة كسائر تلاميذه.

وقال: إن جميعنا عرضة للوقوع في الخطيئة، ولا سيّما أن غيره من التلاميذ قد خطئوا أيضًا، مثل بطرس الذي نعته الربّ يومًا بالشيطان (مت 16: 23)، وأنكر سيّده: «إنّك قبل أن يصيح الديك تنكرني ثلاث مرّات» (لو 22: 61) لكنه ندم وتاب، «وانطلق بطرس إلى الخارج، وبكى بكاءً مُرًّا» (لو 22: 62).

واستطرد: توفّرت ليهوذا فرصٌ عدّة للتوبة والتراجع، ففي ليلة العشاء الأخير، قال الربّ موبّخًا ضميره: «لستم كلّكم طاهرين» (يو 13: 11) لكنه أصرّ على الخيانة. وعندما ندم لاحقًا وشعر بالذنب، وعوض أن يتوب ويرجع عن خطيئته، «طرح الفضّة في الهيكل وانصرف، ثمّ مضى وخنق نفسه» (مت 27: 5).

أمّا في ما يتعلّق بالعلامة التي أعطاها يهوذا للجنود ليمسكوا يسوع، فأشار موسى إلى أن فعلة يهوذا هذه حوّلت القبلة من عربون محبّة وصداقة إلى علامة غدر وخيانة، مردفًا: لقد عانى المسيح خيانة أحد أحبّائه. على الرغم من ذلك، حينما وصل يهوذا لينفّذ خيانته مع سبق الإصرار، لم يصدّه المسيح ولم يمنعه من تقبيله، واكتفى بمعاتبته: «أَبِقُبْلَةٍ تسلّم ابن الإنسان؟» (لو 22: 48).

وشدّد على أن خيانة يهوذا ليست الوحيدة على الرغم من أنها الأعظم، مضيفًا: في كل زمان ومكان، هناك ضمائر ميتة ترتكب الخطايا، وما زال عالمنا اليوم يشهد خيانات كثيرة من أجل «ثلاثين من الفضّة»؛ صديق يخون صديقه، عامل يسرق صاحب العمل، أراضٍ تُسلب من أصحابها، أوطانٌ تُدَمَّر. فيهوذا ليس وحده الخائن.

وختم موسى حديثه عبر «آسي مينا» بالتشديد على أن الخطيئة التي تغلغلت في قلب يهوذا قد تتغلغل في قلب كل واحد منّا إن لم نتشبّث بمحبّة الله لنا، فلا نكون رافضين لها مثل الإسخريوطي، بل ندرك مشيئة الله ونجدّد ثقتنا في العناية الإلهيّة.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته