المسبحة الورديّة تأمّلٌ في وجه يسوع مع أمّه مريم

المسبحة الورديّة المسبحة الورديّة | Provided by: Myriams-Photos via Pixabay

لم يكن المسيحيّون أوّل من استخدموا المسبحة في تنظيم الصلوات والعبادات، فقد سبقتهم إلى ذلك ديانات قديمة عدّة مع الاختلاف في طبيعة الصلوات. لكن المسبحة الورديّة لم تعرف الانتشار الواسع بين الكاثوليك إلا عقب ظهور مريم العذراء للقديس دومينيك دي غوزمان (عبد الأحد) في العام 1213، حاملةً مسبحةً بيدها، فدعته إلى تلاوتها لأنها ستكون سبب نجاح مساعيه في هداية المهرطقين.

تأمّلٌ في حياة يسوع

تساعد المسبحة الورديّة المؤمنين على التأمّل في حياة يسوع المسيح الأرضيّة كأنّها إنجيل مختصر. «بالنسبة إلى المسيحيين، الإنجيل هو الكتاب الأوّل. وفي الواقع، الورديّة هي إنجيل مصغّر»، بحسب الأسقف واللاهوتي الفرنسي هنري لاكوردير.

لكن «إذا أردنا أن نتمكّن من أن نقول قولًا كاملًا إن الورديّة هي ملخّص الإنجيل، فبعدما ذكرنا التجسّد وحياة المسيح الخفيّة (أسرار الفرح)، وتوقّفنا عند الآلام والموت (أسرار الحزن)، وعند بهجة القيامة (أسرار المجد)، يليق بنا أن نوجّه تأمّلنا إلى بعض أحداث حياة يسوع العلنيّة التي تتّصف بمعانٍ عميقة (أسرار النور)»، كما قال البابا القديس يوحنا بولس الثاني في الإرشاد الرسولي «المسبحة الورديّة لمريم العذراء»، موضحًا أن إضافة أسرار النور تهدف إلى وضع الورديّة في صلب الروحانيّة المسيحيّة، وجذب انتباه المؤمنين إليها.

كما شجّع البابا القديس على التأمّل في وجه يسوع برفقة أمّه مريم الفائقة القداسة والاقتداء بها، مشدّدًا على «أن تلاوة المسبحة الورديّة ليست إلا مشاهدة تأمّليّة لوجه المسيح مع أمّه مريم». وحضّ على الإصغاء إلى صوت الآب عبر خبرة الصمت والصلاة، فهي وحدها القادرة على توجيهنا إلى معرفة سرّ المسيح.

صلاة رائعة في البساطة والعمق

لقد دعا يسوع تلاميذه إلى المواظبة على الصلاة، «وَقَالَ لَهُمْ أَيْضًا مَثَلًا فِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى كُلَّ حِينٍ وَلا يُمَلّ» (لو 18: 1). وعندما نصلّي الورديّة، يكون الاستمرار في ترداد صلاة «السلام عليكِ يا مريم» الأرضيّة التي تنمو عليها مشاهدة الأسرار والتأمّل فيها. فإن اسم يسوع الذي نذكره في كل مرّة نتلو السلام الملائكي هو الاسم الذي يعرضه علينا تتابُع الأسرار، ويؤكد لنا أنه ابن الله وابن العذراء على السواء»، بحسب البابا القديس يوحنا بولس الثاني.

حينما تردّد الشفاه كلمات مكرّرة لا تلامس الوجدان، ليس من المستغرب أن يصيب النفس الملل وأن تتشتّت الأفكار. في المقابل، عندما تُتلى الصلوات بقلبٍ حاضر وفكرٍ متأمّل، ستصبح الورديّة صلاتنا المفضّلة وسيكون واضحًا «أنّها صلاة رائعة في بساطتها وعمقها، تعرض لنا أهمّ وقائع حياة المسيح التي إذا ما جُمعت في أسرارٍ ثلاثة تربطنا بالمسيح من خلال قلب أمّه»، وفق ما أكد أيضًا البابا الراحل يوحنا بولس الثاني.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته