الراعي من مصر: "لبنان اليوم متعثّر، ويجب أن نواجه الصعوبات بقوّة يسوع"

بيروت, الخميس 24 مارس، 2022

لقاءات مهمّة كلّلت زيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي مصر، والتي امتدّت من 18 لغاية 23 آذار الحالي، وسلّطت الضوء على تعزيز العلاقات اللبنانيّة-المصريّة ودور الكنيسة الكاثوليكيّة في تكريس سبل المحبّة والسلام والعيش المشترك وتقدير المساعي المصريّة من أجل إزالة العقبات من طريق عودة العلاقات الطبيعيّة مع لبنان وكسر عزلته الاقتصاديّة وضرورة السعي لدعمه عربيًّا ودوليًّا وتأكيد إعلان حياده والمؤتمر الدولي.

الراعي يلتقي البابا تواضروس الثاني

استهلّ البطريرك الماروني زيارته مصر بلقاء البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسيّة، في المقرّ البابوي في العبّاسيّة، يرافقه راعي الأبرشيّة المطران جورج شيحان والرئيس العام للرهبانيّة المارونيّة المريميّة الأباتي بيار نجم وعدد من الكهنة والآباء.

وشدّد البابا تواضروس الثاني على السعي إلى التقارب في الكنائس، مؤكدًا أن لبنان ومصر دولتان مهمّتان جدًّا على المستوى السياسي والاقتصادي، وأن التعاون قائم بينهما.

ولفت إلى أنه يدرك اهتمام الراعي بالعمل التعليمي ويعتزّ بما صنعته المدرسة المارونيّة عبر تاريخها لأكثر من مئة عام في خدمة المصريين الذين تعلّموا على مدى أجيال في هذه المدرسة المرموقة، مشيرًا إلى علمه بأن مصر تقدّم كل مساعدتها إلى المجتمع اللبناني كي يقوم من ضعفه ويتقدّم ويعود إلى مكانته العظيمة.

من جهته، أعرب الراعي عن فرحه بلقاء البابا تواضروس الثاني، مضيفًا: نحن سعداء كموارنة بوجودنا في مصر رسميًّا منذ بداية الرهبنة المريميّة التي كانت تُعرف بالحلبيّة اللبنانية، وانطلقت في العام 1745، وهذه الرهبنة اليوم تُقسم الى رهبنتين، الرهبانيّة المريميّة والرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة، ومن أبنائها مار شربل والقديسة رفقا والقديس نعمة الله والأخ اسطفان.

وقال البطريرك الماروني: "لبنان اليوم متعثّر بكل أسف، واتكالنا على صلوات البابا والكنيسة، ويجب أن نواجه الصعوبات بقوّة الربّ يسوع المسيح الذي يقول لنا دائمًا: لا تخافوا!"

الراعي يلتقي شيخ الأزهر

إلى ذلك، التقى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي شيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيّب في مقرّ المشيخة، في حضور الشيخ حسن الصغير أمين هيئة كبار علماء الأزهر الشريف والشيخ سلامة جمعة داود رئيس قطاع المعاهد الأزهريّة.

وبحث الراعي والإمام الطيّب في دور الأديان وأهميّة وثيقة الأخوّة الإنسانيّة، مؤكّدَيْن أن لا حلّ إلا بالرجوع إلى القيم الدينيّة التي تجمع بين الشعوب وتنشر السلام في صفوفها على قاعدة أن العباد كلّهم إخوة، وتوافقا على نبذ كل أشكال العنف والقتل والحروب والتطرّف والأصوليّات، وتطرّقا إلى العلاقات الأخويّة والتعايش المسيحي-الإسلامي ودور الكنيسة المارونيّة والكاثوليكيّة والأزهر في تكريس سبل المحبّة والسلام والعيش المشترك.

وفي ختام لقائهما، أبدى الراعي رغبته في أن يقوم شيخ الأزهر بزيارة لبنان، موضحًا أنه سيتابع مع المرجعيّات المعنيّة موضوع هذه الزيارة التي تكتسب أهميّة خاصّة لجهة نشر وثيقة الأخوّة الإنسانيّة وتفعيلها في لبنان والمنطقة.

الراعي يلتقي السيسي

تكلّل اللقاء الذي جمع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بشكره على دعم مصر المستمرّ للبنان، ولا سيّما بعد تفجير مرفأ بيروت وإقامة الجسر الجوّي، وشكره على المساعي التي يقوم بها عربيًّا وخاصّة خليجيًّا من أجل إزالة العقبات من طريق عودة العلاقات الطبيعيّة مع لبنان وكسر عزلته الاقتصاديّة وضرورة السعي لدعم لبنان عربيًّا ودوليًّا وتأكيد إعلان حياد لبنان والمؤتمر الدولي.

وفي ما يتعلّق بالانتخابات النيابيّة، أكد الراعي ضرورة إجراء الانتخابات النيابيّة في موعدها، ووجوب مشاركة اللبنانيين بكثافة في الاقتراع واختيار من يحقّق طموحاتهم في لبنان.

من جهته، أكد السيسي استمرار وقوف بلاده إلى جانب لبنان، معربًا عن أسفه لما آلت إليه الأمور في البلاد.

كذلك، تمّ تناول موضوع سلاح حزب الله الذي اعتبره البطريرك الماروني موضوعًا إقليميًّا ودوليًّا، مشيرًا إلى أن الحديث في لبنان تركّز حول استراتيجيّة دفاعيّة، لو أقرّت لربّما كان الوضع أفضل.

الزيارة الأولى من نوعها

أوضاع لبنان ودور الجامعة العربيّة تجاهه حضرت في لقاء الراعي والوفد المرافق الأمين العام في جامعة الدول العربيّة أحمد أبو الغيط في مقرّ جامعة الدول العربيّة، في حضور الأمين العام المساعد السفير حسام زكي، في زيارة هي الأولى من نوعها.

وقال الراعي بعد لقائه أبو الغيط: "نحن لا نريد أبدًا أن يكون لبنان عالة على أحد بل نريده بلدًا يعضد ويساعد ويلعب دورًا ويؤدّي رسالته، ولأنه يمرّ في صعوبات فهو يلجأ إلى الأصدقاء"، مضيفًا: "لقد طرحنا قضيّة لبنان الأساسيّة المتمثّلة في العودة إلى دوره وضرورة حياده، فيكون فاعلًا ومساعدًا، ويخدم كل أبنائه من دون استثناء حتى يمكنه القيام بدوره واستعادة مكانته. أما أن يعيش لبنان كما هو اليوم منعزلًا عن محيطَيْه الدولي والإقليمي، فهذا ليس من صالح أحد".

من جهته، أعرب أبو الغيط عن تقديره للدور الوطني المحترم الذي يقوم به الراعي في سبيل الحفاظ على السلم الأهلي في لبنان وترسيخ الوحدة الوطنيّة وإيجاد حالة من التواصل الايجابي بين مختلف المكوّنات اللبنانيّة، مؤكدًا دعمه وتأييده دعوة البطريرك الماروني إلى تحييد لبنان عن النزاعات والصراعات الإقليميّة بما يحافظ على السلم الأهلي ويحفظ الاستقرار ويفتح الطريق أمام التعافي الاقتصادي الضروري، وفق بيان صادر عن الجامعة العربيّة.

(تستمر القصة أدناه)

الراعي في مصر الجديدة

واحتفل الراعي بالذبيحة الإلهيّة في كنيسة مار مارون بمناسبة مرور خمسين سنة على بناء كابيلا القديسة ريتا للآباء المريميين في مصر الجديدة.

وكان البطريرك الماروني قد زار دير راهبات قلب يسوع المصريّات في القاهرة حيث كان في استقباله البطريرك ابراهيم اسحق بطريرك الإسكندريّة للأقباط الكاثوليك ورئيسة الدير الأمّ ماري ناديا سعيد وجمهور الراهبات.

كما احتفل الراعي بالذبيحة الإلهيّة في كاتدرائيّة القديس يوسف في القاهرة بمناسبة عيد القديس يوسف.

دور الفاتيكان في دعم لبنان

واختتم الراعي زيارته مصر بلقاء مساعد وزير الخارجيّة للشؤون العربيّة السفير علاء موسى في المطرانيّة المارونيّة في مصر الجديدة.

وتمحور اللقاء حول الأوضاع المتردّية في لبنان ودور مصر في المساعدة على تخطّيها والنهوض من جديد.

كما التقى البطريرك الماروني السفير البابوي في مصر المونسنيور نيكولا تيفنان، وبحثا في أهميّة دور الدبلوماسيّة الفاتيكانيّة في دعم قضيّة لبنان للخروج مما يتخبّط فيه.