القديس يوسف وكرامة العمّال

العائلة المقدّسة للفنّان أنجلو زوفولي في بازيليك القدّيسَين أمبروسيوس وكارلوس-روما العائلة المقدّسة للفنّان أنجلو زوفولي في بازيليك القديسَيْن أمبروسيوس وكارلوس-روما | Provided by: Renata Sedmakova/Shutterstock

يُعرف شهر مايو/أيّار بتكريسه للعذراء مريم. فيه تتجدّد الدعوة إلى التأمّل بأسرار المسبحة الورديّة. لكن في اليوم الأوّل منه يُعَيَّدُ لقديس عظيم متواضع هو مار يوسف النجّار شفيع العمّال.

تعود أصول عيد شفيع العمّال إلى العام 1955، عندما حدّد البابا بيوس الثاني عشر هذا التذكار. فدور القديس يوسف لم يقتصر على كونه مربّيًا ليسوع الطفل وحاميًا للعائلة المقدّسة. هو «الأب القانوني الذي حرس يسوع وعلّمه حرفته. فقد وُلِدَ يسوع وترعرع في أسرة، العائلة المقدّسة، وتعلّم من يوسف حرفة النجارة، في ورشة الناصرة، متقاسمًا معه الالتزام والتعب والمسرّة وكذلك الصعاب اليوميّة»، على حدّ قول البابا فرنسيس (المقابلة العامة الأسبوعيّة في 1 مايو/أيّار 2013).

فلقد كان يسوع نفسه عاملًا. لذلك، أثار استغراب أبناء بلدته الناصرة واندهشوا من حكمته حين تحدّث في المجمع، فتساءلوا: «أَلَيْسَ هذَا ابْنَ النَجَّار؟» (متى 13: 55).

وقد اهتمّت الكنيسة كأمّ بأبنائها العمّال، فوضعتهم تحت شفاعة القديس يوسف، وعلّمتهم بعناية خاصّة كيف يقدّم العمل الكرامة للإنسان إذ إنّه مدعوّ إلى العمل، كما ورد في الكتاب المقدّس: «بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا» (تكوين 3: 19)، وهو على مثال الله الذي «فَرَغَ فِي اليَوْمِ السَابعِ مِنْ عَمَلِهِ الَذِي قَام بِه» (تكوين 2: 2).

والربّ أوكل الخليقة إلى الإنسان كي يشاركه في عمله. من هنا، يشرح البابا فرنسيس: «الله يسلّم نشاطه وعمله للإنسان ليعاونه. العمل البشري دعوة نلناها من الله تجعل الإنسان شبيهًا بالله لأن الإنسان قادر على أن يخلق بواسطة عمله» (عظة البابا فرنسيس في 1 مايو/أيّار 2020). وبحسب الأب الأقدس، فإنّ «الشخص الذي يعمل، مهما كانت مهمّته، يتعاون مع الله نفسه، ويشارك بعض الشيء بخلق العالم من حولنا» (رسالة «بقلب أبوي»، 6).

لذا، تستنكر الكنيسة العمل الذي يستعبد الكائن البشري. وهي تحضّ على الوعي لمعاناة ضحايا هذا النوع من العبوديّة، فكما أنّ «السَبْت إِنَّمَا جُعِلَ لأَجْلِ الإِنْسَانِ، لاَ الإِنْسَانُ لأَجْلِ السَبْتِ» (مرقس 2: 27)، هكذا يجب أن يكون العمل في خدمة البشر كي يكونوا أصحاب كرامة، لا مستعبدين لأشغالهم.

يُذكر أن البابا فرنسيس قد سبق وأعلن في 8 ديسمبر/كانون الأوّل 2020 سنة خاصّة مكرّسة لمار يوسف، في الذكرى المئة والخمسين لإعلان البابا الطوباوي بيوس التاسع هذا القديس شفيعًا للكنيسة الجامعة. ووصف فرنسيس القديس يوسف، في رسالة «بقلب أبوي»، بالأب الحبيب والحنون والشجاع والعامل المجتهد.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته