كيف يعيش المسيحيّون القيامة في الواقع الأليم بلبنان؟

الأب بيتر حنا والقبر الفارغ الأب بيتر حنا والقبر الفارغ | Provided by: Father Peter Hanna & BRBurton23 via Pixabay

في وطن جريح، يعاني المؤمنون أزمات متتالية ترهق كاهلهم وتحاول سرقة مفاتيح سلامهم ورميهم فريسة الآلام، إلا أن القلوب الراسخة في المحبّة تبقى شاخصة نحو يسوع المسيح القائم من بين الأموات.

بالرغم من الانهيار المتسارع على الصعد كافة، كيف يعيش المسيحيّون القيامة في الواقع الأليم بلبنان؟

إليكم الجواب على ضوء الإيمان المسيحي في مقابلة مع الأب بيتر حنا.

ميزة المسيحيين في عالم متألم

في حديث خاصّ إلى «آسي مينا»، أوضح الأب بيتر حنا، كاهن رعايا فالوغا وحمّانا والشبانيّة للروم الكاثوليك، أن الألم ليس شرًّا بحدّ ذاته، بل هو جزء من حياة الإنسان ونتيجة حتميّة لحرّيته ووجوده في هذا العالم وحرّية غيره.

وقال إن ميزة المسيحي تكمن في طريقة تعامله مع الألم لأنه يؤمن بأن الله لا يمكن أن يسبّبه، بل هو يساعده في مواجهته وتحويله إلى فرصةٍ للحبّ.

ولفت الأب حنا إلى أن الألم يصبح صليبًا بعد إضافة الحبّ إليه، وهذا الصليب يوصل إلى القيامة.

ورأى وجوب أن نعيش أوجاعنا كما عاش يسوع المسيح آلامه، مضيفًا: عندما يقول يسوع: «احمل صليبك واتبعني!» يقصد: «يجب أن تتعامل مع صليبك على مثالي».

وشرح الأب حنا كيف تعامل يسوع مع صليبه، قائلًا: لقد خان يهوذا يسوع، ونكره بطرس، وهرب تلاميذه، وتركوه وحيدًا. شفى كثيرين من الشعب الذي عاش معه 3 سنوات، وعلّمهم، لكن هؤلاء أنفسهم هتفوا: «اصلبه! اصلبه!». عاش يسوع كل أنواع الألم الإنساني: الوحدة والخيانة والنكران والاستهزاء والسخرية والألم الجسدي، وأكثرها صعوبة هي الوحدة المتجلّية حين قال: «إلهي! إلهي! لماذا تركتني؟» (مت 27: 46). في هذه اللحظة، عاش يسوع كامل إنسانيّته كي يصل إلى أعماق كل إنسان.

وأضاف: أمّا الطريقة التي كلّل يسوع آلامه بها، فتمثّلت في قوله: «يا أبتِ، بين يديكَ أستودع روحي!» (لو 23: 46).

عيش الآلام مع المسيح

دعا الأب حنا المؤمنين إلى عيش الآلام بحبّ، وعدم السماح للشرّ بتغييرهم وفصلهم عن الله.

وتابع: يجب استغلال الألم من أجل إثبات القوّة. الإيمان والحبّ من دون اختبار لا قيمة لهما لأن الإنسان يستمد قوّته من هذا الاختبار. الألم فرصة للثبات في الحبّ والرجاء. لذلك، نحن نعيش آلامنا مع المسيح ونواجهها على مثاله.

وأشار إلى أن المطلوب منا ألا نجعل آلامنا تتحكّم بنا وتقرّر مصيرنا وتسرق سلامنا وتحدّد حالتنا، بل علينا التحكّم بها.

قيامة الحبّ

شدّد الأب حنا على أن القيامة هي قيامة الحبّ، وانتصار الحبّ على الحقد، وانتصار الإيمان على اليأس، وانتصار الحياة على الموت، ولا سيّما أن يسوع غفر لقاتليه على الصليب.

وختم كاهن رعايا فالوغا وحمّانا والشبانيّة للروم الكاثوليك حديثه عبر «آسي مينا»، مؤكدًا أن القيامة الحقيقيّة هي عيش الحبّ، وأن اختبارها يكمن في تجلّيها بحياة المؤمنين، وواصفًا قيامة المسيح بقيامة الحبّ.

المزيد

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته