كيف تطوّرت أيقونة الصلب عبر العصور؟ الأب نداء إبراهيم يجيب

أيقونة الصلب في المخطوط السرياني إنجيل رابولا أيقونة الصلب في إنجيل رابولا | Provided by: dss-syriacpatriarchate.org

في أسبوع الآلام، تتّجه أنظار مسيحيي العالم إلى يسوع المصلوب، فتكثر الأيقونات والرسوم التي تُعرض في الكنائس وتُنشر على الإنترنت. من هنا، سألنا الأب نداء إبراهيم، رئيس الإكليريكيّة المخلّصيّة الكبرى في جعيتا-لبنان والمسؤول عن المحترف المخلّصي لكتابة الأيقونة، عن تاريخ أيقونة صلب المسيح وتطوّرها عبر العصور.

شرح إبراهيم عبر «آسي مينا» أن المسيحيين في القرنين الأوّل والثاني كانوا يخجلون من رسم يسوع عريانًا على الصليب، بل كانوا يضعون خشبة الخلاص فارغة رمزًا لانتصار الإله وصعوده إلى السماء إذ لم يرغبوا في إظهاره ممزّق الأشلاء ومضرّجًا بالدماء بينما كانت الآلهة الرومان واليونان تُظَهَّر بتماثيل جميلة.

وأضاف: في القرن الرابع، رأينا للمرّة الأولى على باب بازيليك القديسة سابينا في روما نقشًا خشبيًّا نافرًا يجسّد يسوع المصلوب يحيط به لصّان. وفي القرن السادس، وجدنا في مخطوط إنجيل رابولا السرياني مشهد الصلب متكامل العناصر مع مريم ويوحنا وقائد المئة والنساء.

نقش خشبيّ نافر يجسّد يسوع المصلوب يحيط به لصّان-باب بازيليك القديسة سابينا في روما. Provided by: Wikimedia Commons
نقش خشبيّ نافر يجسّد يسوع المصلوب يحيط به لصّان-باب بازيليك القديسة سابينا في روما. Provided by: Wikimedia Commons

وفسّر الأب إبراهيم أنّنا نرى في منمنم رابولا المسيح حيًّا على الصليب من دون آثار تعذيب أو موت بل يبسط يديه بكل رضا. هو يلبس ثوبًا طويلًا عليه خطوط ذهبيّة ترمز إلى ملوكيّته وعيناه مفتوحتان للدلالة على أنه الكلمة المتجسّد بطبيعتيه الإلهيّة والإنسانيّة وأنه كالأسد الجاثم الذي لا يغلق جفنيه عندما ينام.

بعدها، ظلّ المسيحيّون حتى القرن الحادي عشر يصوّرون يسوع في الشرق بعينين مفتوحتين ويدين مبسوطتين على الصليب وعلى رأسه تاج كملك المجد القائم والمنتصر على الموت، حسبما شرح إبراهيم. وفقط مع القرنين الثاني والثالث عشر في الغرب وبعد القرن الحادي عشر في الشرق، بدأ كاتبو الأيقونات والرسّامون يصوّرون يسوع عريانًا وعلى خاصرته قطعة قماش.

أيقونة بيزنطيّة ليسوع المصلوب كتبها الأب نداء إبراهيم. Provided by: Father Nidaa Ibrahim
أيقونة بيزنطيّة ليسوع المصلوب كتبها الأب نداء إبراهيم. Provided by: Father Nidaa Ibrahim

وأوضح إبراهيم أن الغرب كان يريد تصوير الحقيقة، لذا أخذت لوحاته الفنّية بعدًا أكثر إنسانيّة وبدا المسيح ممزّق الأشلاء تسيل الدماء من جبهته. بينما أرادت الأيقونة البيزنطيّة تصوير الرسالة الكامنة خلفها، لذا نرى فيها آلامًا منضبطة التعابير لا تخاطب الأحاسيس أو تؤجّجها. فمريم على سبيل المثال تُكْتَبُ في الأيقونة بلا تعابير عويل وبكاء كي يعي المؤمن أن من يعيش آلام الصلب ليس وحيدًا، فرسالة الأيقونة ليست الواقع بل الإنسان الممجّد والمؤلّه.

أيقونة صلب المسيح كتبها الأب نداء إبراهيم. Provided by: Father Nidaa Ibrahim
أيقونة صلب المسيح كتبها الأب نداء إبراهيم. Provided by: Father Nidaa Ibrahim

وأشار إبراهيم عبر «آسي مينا» إلى أن خشبة الخلاص في أيقونة الصلب تكون انحداريّة وصعوديّة في الوقت نفسه، فلا يعود الناظر إليها يعرف ما إذا كانت تنزل من السماء أو تصعد من الأرض، خاتمًا بأن الأيقونة ليست حكرًا على المسيحيين عمومًا بل وصلت إلى الملحدين والمسلمين عبر البعد الفنّي الذي تتضمّنه.

الأب نداء إبراهيم يعمل على أيقونة النبي إيليّا. Provided by: Father Nidaa Ibrahim
الأب نداء إبراهيم يعمل على أيقونة النبي إيليّا. Provided by: Father Nidaa Ibrahim

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته