الرهبنة الأنطونيّة الهرمزديّة الكلدانيّة... حياة نسكيّة مكلّلة بالفضائل

الدير التابع للرهبنة الأنطونيّة الهرمزديّة الكلدانيّة في أربيل، العراق الدير التابع للرهبنة الأنطونيّة الهرمزديّة الكلدانيّة في أربيل، العراق | Provided by: Guitta Maroun/ACI MENA

تمتدّ جذور الحياة الرهبانيّة المسيحيّة إلى القرون الأولى، وقد نشأت في مصر على أيدي القديس أنطونيوس الكبير، أبي الرهبان، ورفاقه. أمّا في بلاد ما بين النهرين، فشرعت مع بني قياما، أي أبناء العهد وبناته، لتنتشر بعدئذٍ الأشكال الديريّة للحياة النسكيّة.

تحمل التسمية الرسميّة للرهبنة الكلدانيّة صفة «الأنطونيّة» نسبةً إلى أبي الرهبان أبرز شفعائها. أمّا «الهرمزديّة»، فنسبةً إلى شفيعها الثاني هرمزد المعروف بالربّان أي الراهب الكبير، وهو مؤسّس الحياة الديريّة مطلع القرن السابع في موضع الدير المعروف باسمه والقائم حتى اليوم في الجبل المطلّ على بلدة ألقوش، شمالي الموصل بالعراق.

يذكر التقليد الكنسي أن هرمزد حفر صومعته بنفسه في جبل ألقوش، واضعًا بذلك حجر الأساس لتأسيس الرهبنة. وإذ ذاع صيته بالفضيلة والأعاجيب والشفاءات، التحق به عدد من الرهبان من الأديار القريبة وانتمى شباب جدد من القرى المجاورة إلى الرهبنة ليزيد عددهم عن المئة وخمسين راهبًا أواخر القرن السابع.

عانت الرهبنة الاضطهادات والحروب والغزوات والاعتداءات المتكرّرة، وتعرقلت مسيرتها الشاقّة وتشتّت الرهبان حتى أصبح دير الربّان هرمزد مهجورًا تمامًا أواخر القرن الثامن عشر. لكنها عادت وازدهرت في بدايات القرن التاسع عشر بمساعي الشمّاس جبرائيل دنبو وأصله من ماردين في تركيا الحاليّة.

رغب دنبو في الحياة النسكيّة وتاق إلى الزهد، فاختار دير الربّان هرمزد المهجور ليؤسّس هناك رهبنة جديدة في العام 1808، هدفها إنعاش الحياة الرهبانيّة والنسكيّة في الكنيسة الكلدانيّة وتجديدها لتتواصل مسيرتها بالصلاة والعمل، وفق قوانين مار أنطونيوس.

تنتشر أديار الرهبنة في العراق، أصلها وأبرزها دير الربّان هرمزد، وهناك أيضًا دير السيّدة حافظة الزروع، وكلاهما في ألقوش. أمّا دير مار كوركيس في الموصل، فقد دمّر تنظيم داعش الإرهابي جزءًا كبيرًا منه، لكن إعادة إعماره متواصلة، فيما خلا دير مار أنطونيوس ببغداد من رهبانه إثر الأحداث الدامية التي عاشها العراق بعد 2003 ولم يعودوا إليه.

دير مار يوسف في روما بإيطاليا، الوحيد خارج العراق، هو مقرّ الوكالة العامّة للرهبنة لدى الكرسي الرسولي، ويحتضن الإخوة الدارسين هناك.

إن أحدث الأديار عهدًا هو المجمّع العام للرهبنة الأنطونيّة الهرمزديّة الكلدانيّة الذي أُنشئ في عنكاوا/أربيل ليكون مقرًّا عامًّا للرهبنة ومركزًا للنشاطات الرعويّة والتعليميّة إذ يضمّ ديرًا على اسم مؤسّس الرهبنة خادم الله الأنبا الشهيد جبرائيل دنبو، فضلًا عن مركز ثقافي لحفظ المخطوطات السريانيّة وكنيسة وقاعة للمؤتمرات ومكتبة.

 

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته