لبنان يستمر في الانهيار ومسيحيّون يتخلّون عن كنائسهم... مقابلة مع غادة الطبّاع

كاتدرائيّة بيروت المارونيّة وأوراق نقديّة بالليرة اللبنانيّة والدولار الأميركي كاتدرائيّة بيروت المارونيّة وأوراق نقديّة بالليرة اللبنانيّة والدولار الأميركي | Provide by: Marcociannarel and Graphicaddict-Shutterstock

بينما لا يزال لبنان في حالة انهيار اقتصادي ومالي، وصل سعر صرف الدولار الأميركي في السوق السوداء اليوم إلى 100 ألف ليرة لبنانيّة، وهو أعلى مستوى له منذ أكتوبر/تشرين الأوّل 2019، عندما كان يساوي 1500 ليرة. من هنا، سألت «آسي مينا» د. غادة الطبّاع عن الوضع الحالي في بلاد الأرز وعن المسيحيين فيه. الطبّاع حاصلة على دكتوراه في العلوم الاقتصاديّة من جامعة السوربون-باريس الشماليّة وهي مستشارة اقتصاديّة في منظّمات دوليّة عدّة وأستاذة محاضرة في جامعة القديس يوسف والجامعة اللبنانيّة في بيروت.

شرحت الطبّاع أن الوضع العام الاقتصادي والمالي هو «الأخطر في تاريخ البلاد والعالم»، بحسب تقرير صادر عن وكالة فيتش الدوليّة للتصنيف الائتماني شمل 122 دولة. واعتبرت أن الاقتصاد الوطني قد حقّق في العام الأخير صفر نموّ في ظلّ «مواصلة السقوط الحرّ في القطاعات كافة».

في السياق عينه، لفتت الطبّاع إلى أن «المصارف تواصل مراكمة الخسائر وتمارس ضغوطًا قويّة وتعترض على مسوّدة خطة التعافي المالي التي وافقت عليها الحكومة»، لكن انعدام الثقة بالقطاع المصرفي مستمّر، ودور هذا الأخير قد تقلّص على الصعيد الوطني بعد توقفه عن تقديم قروض جديدة وتخفيض سقف السحوبات. ورأت الطبّاع أن الحلّ هو سياسي يبدأ بإصلاحات بنيويّة تعيد الثقة للقطاع المالي والمصرفي.

وفي تبعات الأزمة، أشارت الطبّاع إلى أن تضخّم الأسعار قد أدّى إلى تدهور القدرة الشرائيّة للمواطن وضعف الأمن الغذائي ووقوع عدد كبير من الأُسر تحت خطّ الفقر وحرمانها من الخدمات الصحّية والتعليم والنقل.

وحول سماح وزارة الاقتصاد مؤخّرًا للمحال التجاريّة والسوبرماركت على كل الأراضي اللبنانيّة بتسعير السلع بالدولار الأميركي، أوضحت الطبّاع أن الانهيار التام الذي جعل الاقتصاد «نقديًّا» أو بـ«الكاش» قد دفع الوزارة إلى اتّخاذ هذا القرار من دون أن تتبنّاه الدولة رسميًّا. ومن أسباب قرار الوزارة، بحسب الطبّاع، تراجع الثقة في العملة الوطنيّة وتلاعب التجّار في هوامش الربح.

في السياق عينه، سألنا الطبّاع عن تأثير الحالة القائمة على وضع المسيحيين في البلد المبني على توازنات طائفيّة هشّة، فأجابت أن «نموّ الوظائف الموقّتة على حساب الأمان الوظيفي وتبعات الأزمة أدّيا في السنوات الأربع الأخيرة إلى تضرّر المواطنين صحّيًّا ومعنويًّا ونفسيًّا، ومن ضمنهم المسيحيّون. لهذا السبب، تفكّكت أُسرٌ كثيرة وارتفعت نسبة الطلاق».

وفي الختام، سلّطت الطبّاع الضوء على ظاهرة اجتماعيّة استجدّت بسبب الأزمة، فقالت إن «الهجرة لا تزال الباب الأوّل للخروج من هذه الضيقة، لكن المواطن المسيحي وصل اليوم إلى حدّ تغيير طائفته وبيع معتقداته إلى جماعات تغلغلت في مجتمعه تؤمّن له مدخولًا شهريًّا بالعملات الأجنبيّة، هو في أمسّ الحاجة إليه، كما تساعده على السفر إلى الخارج». وهذا التحوّل قد بدأ ينتشر في مناطق لبنانيّة عدّة، ينتقل فيها مسيحيّون من الكنائس الشرقيّة إلى طوائف مسيحيّة أخرى وبِدَع تؤمّن لهم المساعدات.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته