الصوم الأربعيني في القوانين الكنسيّة

صورة ترمز إلى الصوم صورة ترمز إلى الصوم | Provided by: congerdesign via Pixabay

تدعو الكنيسة مؤمنيها إلى الصوم في أوقات معيّنة من السنة لتحضّهم على اتّباع خطى الربّ. فهل توصيهم بهذه الأصوام أم تأمرهم بها؟

أوضح الأب ألبير هشام في حديث خاصّ لـ«آسي مينا» أن لا إجبار في المسيحيّة عمومًا، فالمسيح لم يجبر أحدًا على أمرٍ طوال حياته على الأرض، بل ذكّر تلاميذه بأن يبشّروا الجميع بالخلاص، مستخدمين قوّة الإقناع بمحبّة الله الذي يريد أن يخلص جميع الناس (1 تي 2: 4). لذا، يقول الربّ عن الصوم: «إذا صمتم، فلا تكونوا عابسين» (مت 6: 16)، وهذا يبيّن اختياره بحرّية.

في السياق القانوني، تناول الأب هشام توصيات الكنيسة الكلدانيّة بخصوص الصوم الأربعيني، لافتًا إلى أنها حدّدت اليوم الأوّل والجمعة العظيمة للصوم عن الزفرين (اللحوم والبياض) والامتناع عن الأكل إلى الظهر. أمّا في الأسابيع الأوّل والرابع والأخير، فيكون الصوم عن اللحم، مؤكدًا أن الكنيسة تترك للمؤمنين حرّية اختيار طريقة صومهم.

عن تسمية الكنيسة لهذا الصوم بالأربعيني، أكد الأب هشام أنها تشير إلى الأيّام التي صامها المسيح في البرّية قبل أن يُجَرَّب من إبليس، مضيفًا: لم يكن المسيح محتاجًا إلى الصوم لنفسه، لكنه فعل ذلك الأمر استعدادًا لبدء رسالة الملكوت العلنيّة.

وأوضح أن للرقم 40 دلالاته الرمزيّة في الكتاب المقدّس، فالطوفان في أيّام نوح دام أربعين يومًا، وهي الفترة نفسها التي قضاها موسى على جبل سيناء قبل أن يستلم الوصايا العشر، وإيليّا بقي أربعين يومًا لا يأكل ولا يشرب قبل ملاقاة الربّ، فضلًا عن كونه يشير إلى السنوات الأربعين التي سار في خلالها شعب إسرائيل في البرّية، لافتًا إلى أن تسميته لدى العامة بصوم الخمسين جاءت من احتساب كل أيّامه، ابتداءً من الاثنين الأوّل من الصوم إلى أحد القيامة.

أمّا بخصوص تقليد الكنيسة اللاتينيّة التي تسمّيه الزمن الأربعيني، فأشار الأب هشام إلى عدم وجود اختلافات كبيرة في التفاصيل، مردفًا: «تنصّ المادة 1251 من مجموعة الحقّ القانوني للعام 1983 على ما يلي: يجب مراعاة الانقطاع عن أكل اللحم أو عن أيّ غذاء آخر بموجب تعليمات مؤتمر الأساقفة كل يوم جمعة من السنة، ما لم يصادف ذلك اليوم أيًّا من الأعياد بدرجة احتفال، كما يجب مراعاة الانقطاع والصوم يومي أربعاء الرماد والجمعة الحزينة حيث تذكر الكنيسة آلام ربّنا يسوع المسيح وموته».

وقال إن الصوم عند اللاتين لا يبدأ يوم الاثنين بل الأربعاء المسمّى بأربعاء الرماد، نسبةً إلى رتبة مسح جباه المؤمنين بالرماد، موضحًا أن المادة المذكورة آنفًا من مجموعة الحقّ القانوني تنصّ أيضًا على أن المؤمنين الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و60 عامًا ملزمون بالصوم أيّام أربعاء الرماد وجُمَع الصوم والجمعة العظيمة، فيما يُعفى المرضى.

وختم الأب هشام حديثه عبر «آسي مينا»، مشدّدًا على أن غاية الأصوام النهائيّة فائدة المؤمنين الروحيّة ودعوتهم إلى عيش حياةٍ مسيحيّة أكثر نضجًا وعمقًا عبر خبرة الصوم.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته