رحلة البابا بنديكتوس الرسوليّة الأخيرة وثورة المحبّة في بلاد الأرز

البابا بنديكتوس السادس عشر في خلال زيارته لبنان في العام 2012-1 البابا بنديكتوس السادس عشر في خلال زيارته لبنان في العام 2012 | Provided by: Vatican Media

على الرغم من تقدّمه في السنّ عند انتخابه، واصل البابا بنديكتوس السادس عشر عادة البابا يوحنا بولس الثاني بالسفر حول العالم. وتضمّنت زياراته الرسوليّة الـ25 خارج إيطاليا ثلاث رحلاتٍ إلى موطنه ألمانيا وثلاثة أيّام شبيبة عالميّة.

وركّزت زيارته تركيا في العام 2006 على العلاقات مع الإسلام والمسيحيّة الأرثوذكسيّة. وفي زيارته الولايات المتحدة في العام 2008، زار موقع برجَي مركز التجارة العالمي المدمّرَيْن، وكنيسًا في نيويورك، والجامعة الكاثوليكيّة الأميركيّة.

وقال بنديكتوس أمام ستّين ألف شخص اجتمعوا للمشاركة في القداس في ملعب يانكي في نيويورك في أبريل/نيسان 2008 إن «المسيح هو الطريق الذي يقود إلى الآب، الحقيقة التي تعطي معنى للوجود البشري، ومصدر تلك الحياة التي هي الفرح الأبدي مع جميع القديسين في ملكوته السماوي».

بنديكتوس من لبنان: الأخوّة تضيء ثورة المحبّة  

كانت جولة بنديكتوس السادس عشر في لبنان (14-16 سبتمبر/أيلول 2012) آخر زيارة رسوليّة له بصفته بابا. وقتذاك، استقبله الرئيس اللبناني ميشال سليمان في مطار بيروت مع طفلَيْن يرتديان الزيّ اللبناني التقليدي ويحملان الزهور.

شكّلت الزيارة فرصةً لبنديكتوس لتوقيع «الإرشاد الرسولي» لما بعد السينودس في كاتدرائيّة القديس بولس في بلدة حريصا الساحليّة شمالي بيروت. وهذا الإرشاد هو نتاج للسينودس الخاصّ بالشرق الأوسط الذي عُقِدَ في الفاتيكان في أكتوبر/تشرين الأوّل 2010.

وزار البابا الرئيس سليمان في مقرّه الرسمي في بعبدا، والتقى ممثّلي الطوائف الإسلاميّة في البلاد، قبل أن يتوجّه بكلمة إلى المجتمع اللبناني.

البابا بنديكتوس السادس عشر في خلال زيارته لبنان في العام 2012. Provided by: Vatican Media
البابا بنديكتوس السادس عشر في خلال زيارته لبنان في العام 2012. Provided by: Vatican Media

لبنان هو أحد أكثر بلدان الشرق الأوسط تعدّديّة، ويقطنه عدد كبير من المسيحيين. وأشاد البابا بهذا البلد باعتباره نموذجًا لدولةٍ في الشرق الأوسط أعادت بناء مجتمع متعدّد الأديان «على الرغم من الكثير من الأحداث المحزنة والمؤلمة التي أثّرت في بلدكم الجميل على مرّ السنين، بما في ذلك الحرب الأهليّة التي استمرّت 15 عامًا وانتهت في العام 1990»، على حدّ قوله. وزار البابا لبنان بعد عامٍ واحد على اندلاع حربٍ مدمّرة في سوريا المجاورة تسبّبت في نزوح ملايين الأشخاص إلى بلاد الأرز.

متحدّثًا أمام تجمّع للشباب في الهواء في 15 سبتمبر/أيلول 2012 في بكركي، دعا البابا الشباب في الشرق الأوسط، مسيحيين ومسلمين، إلى رفض مسار العنف والكراهية وإطلاق «ثورة محبّة» في سياق ثورات «الربيع العربي».

وقال البابا إن «الأخوّة الكونيّة التي افتتحها يسوع على الصليب تضيء ثورة المحبّة بطريقة متألقّة ومفعمة بالتحدّي. أحبّوا بعضكم بعضًا كما أحببتكم. هذا هو إرث المسيح وعلامة المسيحي. هذه هي ثورة المحبّة الحقيقيّة!». وتابع: «من المهمّ أن يفهم الشرق الأوسط عندما ينظر إليكم أن المسلمين والمسيحيين يمكن أن يعيشوا جنبًا إلى جنب بلا كراهية، مع احترام معتقدات كل شخص، من أجل بناء مجتمع حرّ وإنساني... حان الوقت للمسلمين والمسيحيين أن يجتمعوا من أجل وضع حدّ للعنف والحرب».

وصباح الأحد 16 سبتمبر/أيلول 2012، احتفل البابا بقدّاس في بيروت، بحضور أكثر من 350 ألف شخص، وقدّم رسميًّا إرشاده الرسولي إلى الكنيسة في الشرق الأوسط.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته