من هو أوّل قديس وضع مغارة في التاريخ؟

مغارة ميلاديّة مغارة ميلاديّة | Provided by: giampaolo555 via Pixabay

اعتاد المسيحيّون في العالم أجمع أن يقيموا في بيوتهم قبل عيد الميلاد مغارة من الورق أو الحجارة توضع فيها جميع الشخصيّات الأساسيّة لهذا الحدث المبارك، تاركين أحيانًا مكانًا فارغًا في الوسط بين مريم العذراء ومار يوسف البتول لوضع تمثال يسوع ليلة العيد، ليس للتذكير بميلاد المسيح فحسب، بل لتصبح المغارة إنجيلًا حيًّا ينبع من صفحات الكتاب المقدّس لتبريك منازلهم وعائلاتهم.

من أين أتت هذه العادة؟ ومن هو أوّل من وضع مذودًا أو مغارة في منزله؟ ترجع هذه العادة حسب التقليد المسيحي إلى العام 1223 عندما كان القديس فرنسيس الأسيزي في طريق رحلته إلى الأراضي المقدّسة، ورأى مغاور كثيرة ذكّرته بمغارة بيت لحم.

قبل 15 يومًا من عيد الميلاد، طلب القديس فرنسيس من رجل يُدْعَى يوحنا المساعدة في تحقيق أمنية، قائلًا: «أرغب بأن أمثّل حدث الطفل المولود في بيت لحم لأرى بعينَيّ المصاعب التي أحاطت بولادته وكيف أُضْجِعَ في مذود ونام على التبن بين ثور وحمار». وبعدما استمع إليه صديقه المؤمن، ذهب على الفور ليهيّئ المكان حسب رغبة القديس فرنسيس.

وفي 25 ديسمبر/كانون الأوّل، جاء عدد كبير من الرهبان من مناطق مختلفة مع رجال ونساء كانوا يحملون ورودًا ومشاعل لتضيء تلك الليلة المقدّسة، ففرح المؤمنون الذين أتوا إلى هناك فرحًا عظيمًا لم يشعروا به في السابق. في تلك المناسبة، لم تكن هناك تماثيل، بل كانت المغارة حيّة بالحاضرين. ثمّ احتفل كاهن بالذبيحة الإلهيّة على المذود، موضحًا الصلة بين تجسّد ابن الله وسرّ الإفخارستيا، وانتشرت بعدها عادة وضع مغارة رمزيّة في المنازل والكنائس وغيرها.

رموز شخصيّات المغارة الميلاديّة

تحوي المغارة شخصيّات عدّة انطلاقًا من وصف الإنجيل لهذا الحدث. وتحمل تلك الشخصيّات معانيَ روحيّة وأخرى إنسانيّة: الطفل يسوع المسيح صاحب العيد، وإلى جانبَيْه مريم ويوسف وما يحملانه من رمز للإنسانيّة جمعاء، حيث إن الرجل والمرأة يشكّلان معًا «صورة الله ومثاله».

ويمثّل الرعاة من جهتهم، المؤمنين الفقراء والبسطاء وأفقر طبقات الشعب في تلك الأيّام، ويذكّروننا بأن المسيح هو الراعي الحقيقي الذي خرج من نسل الملك داوود. أما المجوس، فيمثّلون المتعلّمين والأغنياء الذين لا قيمة لما يملكونه ما لم يَقُدْهم ذلك إلى المسيح، ويذكّروننا بأن يسوع هو ملك الملوك.
هناك أيضًا النجمة التي هدت المجوس إلى المسيح، النور المتجسّد، وكذلك الثور الذي يرمز إلى الغذاء المادّي الذي لا بدّ منه للإنسان ليساعده في عيش خدمة الإله الحقيقي، ويتلاقى مع الحمار، رمز الصبر واحتمال الصعوبات في سبيل الإيمان. أمّا الخراف، فترمز إلى الوحدة الضروريّة التي تحافظ على دفء الإيمان في قلوب المؤمنين، بينما ترمز الملائكة إلى حضور الله بين الناس.

دعوة تحملها المغارة إلى المؤمنين

بحسب تقليدنا المسيحي، تجتمع العائلة والمؤمنون حول المغارة المليئة بالمحبّة والبهجة، كأن لا فارقَ زمنيًّا بين الحدث الذي تمّ منذ نحو ألفي سنة ويومنا هذا لنصبح نحن أيضًا مشاركين فيه مع بقيّة الرعاة والمجوس الذين أسرعوا لملاقاة يسوع في مذوده الفقير. ويدعونا اجتماع العائلة حول المغارة للصلاة في زمن الميلاد إلى الشعور بالاندماج والشركة في تاريخ الخلاص. فمغارة الميلاد تمثّل الدعوة كي نشعر ونلتمس الفقر الذي اختاره ابن الله لنفسه في تجسّده، وكي نتبعه على طريق التواضع والتجرّد الذي يقودنا من مذود بيت لحم إلى الصليب، ونتمثّل به في خدمة باقي الإخوة الأشدّ حاجة.

 

 

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته