«حرف عربي» رسالة رئيسة الوزراء الإيطاليّة المكلّفة إلى مسيحيي الشرق

العلم الإيطالي العلم الإيطالي | Provided by: Juliacasado1 via Pixabay

أثار حرف «ن» الذي يظهر بشكله العربي إلى جانب اسم رئيسة الوزراء الإيطاليّة المكلّفة جورجيا ميلوني في صفحتها الشخصيّة الرسميّة عبر تويتر الكثير من الاستغراب، ولا سيّما أن زعيمة البلاد الجديدة من خلفيّة سياسيّة يمينيّة متطرّفة. من هنا، برزت التساؤلات حول دلالة هذا الحرف والمغزى من إلحاقه إلى جانب اسمها.

في الحقيقة، إن دلالة هذا الحرف تعيدنا إلى العام 2014، زمن تصاعد قوّة تنظيم الدولة الإسلاميّة في العراق والشام (داعش) الذي قام برسم حرف النون على جدران بيوت المسيحيين وأبوابهم في الموصل بشكلٍ خاصّ، للإشارة إلى أن تلك العقارات لم تعد ملكًا لأصحابها وإنما انتقلت ملكيّتها إلى الدولة الإسلاميّة. فحرف النون هو الحرف الأوّل من كلمة نصارى وهي التسمية التي يُطلقها التنظيم على المسيحيين.

تريد ميلوني أن تعلن -بطريقة لافتة جدًّا- تضامنها مع مسيحيي الشرق، وبأنها لم تنسَ محنتهم على الرغم من تقادم الأيّام. من جهة ثانية، يُعبّر هذا الحرف أيضًا عن مسيحيّة هذه المرأة التي تُشكّل جزءًا أساسيًّا من هويّتها، فلطالما كانت تصف نفسها بالقول: «أنا جورجيا، أنا امرأة، أنا إيطاليّة، أنا مسيحيّة»، وهو القول المشابه لشعار حملتها الانتخابيّة: «الله، الوطن، الأسرة».

تؤكد ميلوني أنها مع تمكين المرأة من دون أن تكون نسويّة (فيمينيست)، وبالتالي ضد تخصيص كوتا نسائيّة لأن المراكز برأيها يجب أن يشغلها الأكثر جدارة بغضّ النظر عن جنسه، وهذا ما حقّقته ميلوني على نفسها لكونها أوّل امرأة تشغل هذا المنصب في تاريخ الجمهوريّة الإيطاليّة. كما تشدّد على أهميّة الأمومة وتكوين عائلات طبيعيّة، رافضةً مجتمع الميم وجماعات الضغط المثليّة والزواج من الجنس نفسه، بالإضافة إلى مناهضتها الإجهاض. كل ما سبق نراه بصورة جليّة يتوافق تمامًا مع القيم المسيحيّة التي أشارت إليها في أكثر من مناسبة.

أما في ما يخصّ الوطن، فتتبنّى رئيسة الوزراء الإيطاليّة الجديدة مواقف حازمة بشأن الهجرة الجماعيّة غير النظاميّة لتَخَوُّفِها ممّا تصفه بـ«العنف الإسلامي» والاستبدال العرقي وتغيير الطابع الثقافي للبلاد. وقالت في يونيو/حزيران الماضي في أحد خطاباتها: «نعم لثقافة الحياة، لا للسقوط في هاوية الموت».

إذًا، تقف ميلوني في وجه العنف الديني ومحاولات تغيير هويّة البلاد وثقافتها. أما بشأن مهاجمتها الأديان الأخرى وتعدّيها عليها، فذلك ما لم نستطع العثور عليه في أيّ من تصريحاتها أو خطاباتها، لا بل على العكس نجدها تقول لأحد منتقديها: «أنا وأنت نختلف، لكن هذا لا يعني أنه يجب أن أكرهك أو أن تكرهني. أحترم وجهة نظرك وأحاول فهمها، آمل أن تتمكّن أنت أيضًا عاجلًا أم آجلًا من فعل الشيء نفسه».

ما سبق يدحض بقوّة ما تناوله الكثير من وسائل الإعلام العربيّة والتركيّة مؤخّرًا حول معاداة ميلوني للإسلام وكراهيّتها له.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته