هل يفكّر الأرمن السوريّون المسيحيّون بالعودة إلى بلادهم؟

العلم الأرميني العلم الأرميني | Provided by: Marselelia via Pixabay

يعيد آلافٌ من الأرمن السوريين المسيحيين بناء حياتهم في أرمينيا، من دون التفكير بالعودة إلى سوريا، بسبب الأوضاع والضيق الذي يُعانيه هذا البلد. وقد لوحظت عودة البعض منهم إلى حلب لبيع شقّة أو متجر كي يعودوا بالمال إلى المكان الذي يمنحهم بصيص أمل لبناء حياة كريمة لأولادهم من بعدهم، على الرغم من معاناتهم بعض التعقيدات مع الجمارك الأرمينيّة.

قبل بداية الحرب السوريّة، كان نحو 90 ألف سوري أرميني يعيشون في سوريا، يمكثُ ثلثاهم في حلب، ويتحدّر معظمهم من عائلات فرّت من موطنها الأصلي في العام 1915، هربًا من المذابح العثمانيّة. أمّا الحرب السوريّة، فيبدو أنّ تداعياتها كانت لها آثار خطيرة على وجودهم في البلاد، إذ إنّ العودة إلى سوريا باتت احتمالًا بعيدًا بالنسبة إليهم. فبالرغم من توقّف الحرب، ما زال هناك نقص شديد في الكهرباء والوقود والماء في سوريا.

قد ينظر الأرمن السوريّون اليوم إلى أرمينيا على أنّها خيار آمن للّجوء، ليس لأنّها موطنهم التاريخي وبلدٌ مسيحيّ فحسب، بل نظرًا إلى سياسات الهجرة المتساهلة المطبّقة فيها أيضًا، إذ تعتمد الحكومة الأرمينيّة إجراءات خاصّة لمساعدة اللاجئين السوريّين، وخوَّلت قنصليّاتها في سوريا والعراق ولبنان إصدار وثائق جنسيّة وجوازات سفر للأرمن السوريين مجّانًا.

لكن المشاكل الاقتصاديّة التي تُواجهها أرمينيا صعّبت عليها توفير مأوى وفرص عمل للأرمن السوريين الوافدين. ويقتصر العون الذي تُقدّمه الحكومة الأرمينيّة للأرمن السوريين على التعليم والعناية الصحّية وتوفير الوثائق.

وقد أبقت أرمينيا سفارتها مفتوحةً في دمشق. أمّا السفيرة السوريّة الجديدة في يريفان نورا أريسيان، فهي أوّل امرأة أرمينيّة تمثّل سوريا في أرمينيا، وقد تمّ تعيينها بمرسوم رئاسي في العام 2022، وهي النائبة السابقة للطائفة الأرمينيّة بدمشق في مجلس النواب السوري، وتطمح إلى فتح مركز ثقافي سوري في يريفان حتى يبقى أبناء الجالية السوريّة الأرمينيّة هناك على صلة وطيدة باللغة والثقافة العربيّة.

كما أنّها تسعى إلى تعزيز الدراسات العربيّة في معهد الاستشراق التابع لأكاديميّة العلوم وفي جامعة يريفان التي دأبت على تهيئة أجيال من المستعربين على مدى عقود.

ولكن، بغية تحقيق كلّ ذلك، يتعيّن على السفيرة إقناع شركائها بإرسال الطلبة إلى دمشق، كما كان الحال حتى العام 2012.

وقد جمعت أريسيان، مباشرةً بعد تولّيها هذا المنصب، نحو خمسين رجلًا من روّاد الأعمال السوريين الأرمينيّين لدرس إمكانيّة إقامة علاقة ثنائيّة لم يَجْرِ استغلالها حتى الآن كما يلزم. وقد سلّطت الضوء على النقاط المشتركة بين يريفان ودمشق، مثل الدفاع عن الأقليّات في الشرق، وتقارب وجهات النظر.

حتى الآن، تتوق الحكومة السوريّة إلى عودة الأرمن بهدف إعادة بناء البلاد، لكن هذا التوق يبقى في وقتنا الحالي مجرّد أمنية، طالما أنّ العقوبات الدوليّة تحول دون ولادة هذا الأمل من جديد.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته